الشهر الشهر والمسلسل المسلسل!
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
"الجمعة الجمعة والخطبة الخطبة"، مقولة تصف حال التكرار والرتابة وعدم التجديد في الشكل والمضمون في خطب يوم الجمعة. هذه المقولة يُمكن تعميمها دون تجنٍّ على حال المسلسلات اليمنية الرمضانية: الشهر الشَهر، والمسلسل المسلسل!
تضاعفت أعداد القنوات اليمنية الرسمية والخاصة، وتضاعفت معها كمية المسلسلات، ولكن دون حدوث أي تطور نوعي، فالإنتاج الفني متماثل بين هذا المسلسل وذاك، فمن الناحية الفنية لا توجد فوارق كبيرة ومتمايزة بين المسلسلات المعروضة، والتمايز هو نسبي ومن حيث النصوص في الغالب، أما من حيث الأداء الفني، من حيث تملك الممثل للشخصية، من حيث قدرة الممثلين على عكس الواقع الموضوعي باحترافية دون تكلف وتكرار لشخصيات مسلسلات قديمة فلا يوجد تمايز كبير. وسنقوم بتقديم مقاربات نقدية عن هذه المسلسلات حين يعود ملحق "مرافئ" الثقافي للصدور.
تكمن المسألة الأساسية في عدم تطور قطاع الإنتاج الفني في اليمن، وذلك لعدم وجود مسرح وطني، ففي المسرح تتبلور وتتطور الشخصية الفنية للممثل والقدرة على أداء الأدوار وتملك الشخصية ومحاكاتها ومحاكاة الواقع والتأثير على المتلقي، فالمسرح هو الأساس الأول الذي منه تطورت السينما، فبدون مسرح لا يُمكن للفنون المرئية أن تتطور.
كما أن لغياب السينما في اليمن دوراً كبيراً في عدم تطور الإنتاج الفني، فالجمهورية اليمنية لا توجد فيها صالة سينما واحدة ولا شركة إنتاج سينمائية متخصصة بإنتاج الأفلام وبشكل مستمر ولها رصيد تراكمي، فالممثلون في بلادنا يزاولون أعمالا مختلفة أو يلجؤون إلى إنتاج الإعلانات التجارية طوال السنة، ولا يُمارسون مهنتهم في التمثيل إلا بشكل موسمي قبل شهر رمضان المبارك من كل عام. ويرتبط بغياب السينما والمسرح غياب المعاهد والأكاديميات المتخصصة.
لغياب الحركة النقدية الأكاديمية العلمية دور أيضاً في عدم تطور المسلسلات في بلادنا، كما لا توجد نقابة متخصصة تقوم بدور تقييم الأداء الفني، وهذا الأمر يجعل حركة النشاط الفني تمضي دون مراعاة الآراء النقدية أو حتى التذوق العام، ونقد المسلسلات في بلادنا في الوقت الراهن لا يتعدى المنشورات في وسائل التواصل والتعليقات في المقايل، أما النقد المنهجي فهو منعدم.
هناك حاجة ماسة إلى بناء مسرح وطني وسينما وطنية وإنتاج فني يمني متطور يساعد على تنمية الذائقة الفنية للشعب ويقوم بإغناء الشعب فنيا وروحياً ويتناول أمجاد الشعب وتاريخه المجيد وشخصياته العظيمة، ويعالج تحدياته الراهنة. ودون ذلك سيظل المواطن اليمني متلقاً سلبياً لمسلسلات أجنبية أنتجت في واقع مختلف ولأهداف مختلفة عن احتياجات المجتمع اليمني

أترك تعليقاً

التعليقات