من مغلوب إلى سيد الثورة في ذكرى الشهيد
 

شرف حجر

شرف محمد حجر / لا ميديا -
بعد الاستماع لكلمة سيد الثورة في مناسبة افتتاح فعاليات أسبوع الشهيد، أكتب رسالتي الأربعين وبعد شهرين من دخول العام الخامس لأنين لم يُسمع ولشكوى كيف تُحكى وفي القلب حُزن يُخفى وظُلم سوَّد الحياة بوجهي؟!
انقضت أربع من السنين وأنا أكتمُ الضيم حَذر العدو، وانتظاراً لردكم الشافي الذي ينتصرُ لمظلوم لم تقنع نفسهُ من الثقة في استجابتكم، ولم يفقد الأمل في تلبيتكم لداعي الحق. أُعاني وأعيش قهراً يتراكم بتوالي وتراكم أسابيع وشهور وسنوات من الوقوف أمام باب عدالتكم المُقفل في وجهي بسبب الحاجبين والمانعين للحقيقة الخالصة، المعمدة بشهود من ذويكم وخالص خاصتكم وأهل ثقتكم، حتى من الوصول إليكم، ليكون اطلاعكم وينفذ العدل والحق بسلطانكم الذي مكنكم اللهُ به وميثاق عهد ولايتكم ومسؤوليتكم لله تجاه شعبكم وأبناء أمتكم بإقامة الحق ونشر العدل وإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف وإنصاف المظلوم وإقامة القسط وانتزاع الحقوق لمن لم يَجد ملاذاً إلا مناشدتكم، فحططتُ رحال مغلوب لم ييأس من الأمل فيكم بعد الله من إلزام نفسهِ المرابطة والتحمل، محاججاً ضجيج الأوجاع بداخلي، مبرراً أنه لما يصلكم خَبري بعد، ولو حصل لما تأخرتم للحظة في إجابة مستجير بكم.
فبعد أن أُغلقت في وجهي الأبواب وتقطعت السُّبل وغَلبت جهدي الأسباب وأثقل طول الانتظار تحملي أربعة أعوام جار فيها من ظلمني بالتنكيل بي وألحق بي من سطوتهِ ما هو أبشع من ضرب الرقاب، وألبسني تهماً لو كانت أكفاناً لكانت أرحم مما نالني من ظُلمه.
أربعة أعوام فقدت فيها أعز وأحنّ الخلق في الدنيا -بعد الله- رأفة بي، قلباً كم حَزن لحُزني ولما بي! كانت أماً وأباً وصديقاً وعزوة. كانت رفيق مساندتي ونصير قضيتي. تركتني وفارقت الدنيا بعد انتظار طويل وقفت فيه إلى جواري موقف الأم الحنون التي اهتمت لهمي وسَهرت لسهري وضاقت لضيقي. كم سألتني كل مساء عن حالي وهل أجابني السيد عبدالملك، وكانت (رحمها الله) بعفويتها إذا ضاقت بتكرار الإجابة كل يوم تقول لي: شلني إلى عند السيد عبدالملك وأنا شاحاكيه ينصفك ويأخذ حقك ممن ظلمك... ببراءة صادقة تقول لي: اوصلني أنت إلى عنده وما عليك، وهو عيميز شيبتي وأنني أم محروق قلبـُها على ولدها... وأنا أبرر لها: يا أمي، السيد صعب لقاؤه، العدو لو يقدر يرصد له مكاناً فسيحرق الأرض لاستهدافه، يكفي أن تصله الشكوى ويصلنا الرد.
فارقتني في نفس شهر إحياء ذكرى الشهيد، بتاريخ 6-12-2020، وهي في انتظار جواب السيد القائد، الذي مازلت أنتظرهُ اليوم وحيداً بعد فراقها، فقد كانت روحها تداوي جروحي، ودعوتها تخفف عن نفسي، وحضنها ومواساتها تنسيني التفكير في ظلمة الأيام التي أمر بها. كانت رحمها الله الأم والأب والنور، إذا أظلم الزمان أنارت دنياي بقُربها الذي أنساني يُتم الأب منذ الولادة! إحساس لم أعرف معناه إلا بعد رحيلها وفراقها! وكم يؤلمني تَذكُّر أنها عاشت آخر أربعة أعوام قاسية بسبب مظلوميتي وعانت من معاناتي وتألمت من ألمي! قصّرتُ في حقها رغماً عني وبسبب ظروفي التي تكالبت عليَّ بسبب ظلم من ظلمني.
كم أفتقد انتظارها عودتي إلى البيت كل يوم لتطمئن عليَّ، ولتسألني السؤال نفسه كل يوم: "ما سويت؟! وهل جاوب عليك السيد عبدالملك؟!". وكنت أنتظر بفارغ الصبر انكشاف الغُمة عني لتعويضها عما مررنا به. لم أتوقع أن يباغِتنا الفراق، وأنني لن أراها مجدداً، وأنني لن أستطيع زف البشرى إليها بأن السيد أجاب وأنصفني!
اليوم، وبعد انتهاء سيد الثورة من كلمته بمناسبة أسبوع الشهيد، وجدت في خاطري ألف صوت يقول لي: هذا التقي الولي لم يصل صوتك إليه، ولا يعلم بخبرك، ولم تتضح لهُ الحقيقة بعد، فحاشاهُ أن يتجاهل مظلوميتك أو يتأخر في إنصافك أو يتنصل عن حق أو يتردد عن مسؤولية أو يكون ممن "يقولون ما لا يفعلون"، حاشاه. فوجدت نفسي أكتب رسالتي بكلمات لم تفقد الأمل، وببركة مناسبة ذكرى الشهداء (سلام الله عليهم)، قلت لنفسي: قد يصل خَبر عن مظلوميتي ويصلني ما أنتظرهُ حتى الآن. أثق بالله وأننا إلى خير، وأن السيد عبدالملك عندما تصل إليه إحدى رسائلي سيقتص لي ويأخذ بحقي ويداوي جروحاً تنزف كل يوم يمضي انتظاراً لعدالة تأخرها أشبهُ ما يكون بقبلة وداع على جَبين ميت.

أترك تعليقاً

التعليقات