مواثيق استعمارية ومكر أعداء
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
عناوين زائفة كادنا بها الغرب الطامع في استعمارنا بدون استثناء، ابتداءً بأم المكائد ورأس أفعى المصائب (بريطانيا) وصولاً إلى معتوه التحالف الصليبي (أمريكا) كمرتبة أولى، ليأتي من بعده غراب الفضلات الفرنسي.
عقود طويلة وما زلنا نعيش أكذوبة ووهم أنهم روّاد الحرية وحقوق الإنسان. شعارات استخدمت للاستهلاك الإعلامي ورُفعت في وجوهنا بهدف اختراقنا كشعوب للتدخل في شؤون دولنا والتلاعب بقيمنا وإذابة مبادئنا وتمييع شبابنا تحت تسميات التحضر والانفتاح، بينما تخفي في أجنداتهم أهدافهم الحقيقية، كيف يتم التحكم في مصادر القرار؟! وكيف يتم سلب خيراتنا وثرواتنا، وتحويلنا إلى مجموعة من المستهلكين؟!

مصطلحات وتسميات استعمارية
الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي، مجلس حقوق الإنسان، صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة الصحة العالمية، منظمة الهجرة... إلخ، كيانات فرضتها دول الهيمنة بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية وأجبرت العالم على الانضمام والخضوع الناعم لمجموعة أدوات فرض الوصاية الحديثة.
لم نتوقف لنسأل أنفسنا كشعوب بعيداً عن أنظمتنا المرتهنة للقوى العالمية: لماذا يتم التدخل في شؤون دولنا ويتحرك سفراؤهم كحكام وأوصياء داخل بلداننا؟! ولماذا قبل التحرك الثوري في اليمن في الـ21 من أيلول/ سبتمبر كان السفير الأمريكي يتدخل في كل شيء، حتى في نمط الخطاب الديني لصلاة الجمعة، والمناهج الدراسية الدينية، ويتكلم عن الحرية وحقوق الإنسان والسلام، وهو ممثل لبلد يمتلك أعظم سجل إجرامي في ارتكاب المجازر الجماعية؟! لماذا كان يُسمح له بوصف اليمن بـ»بلد إرهابي» ولم يكن يتجرأ أحد على الرد عليه أو إلزامه بالتحرك والعمل وفق الأعراف الدبلوماسية ومهامه كسفير دولة أجنبية؟!
أعتقد أن سفراء تلك الدول قد عملت بلدانهم لعقود على تنشئة نخب سياسية ومسؤولين تم تطبيعهم وتجهيزهم منذ المراحل الدراسية لدى تلك الدول، وعند عودتهم كانوا جاهزين للعمل كعملاء لا إرادة لهم ولا شخصيات رجال دولة فيهم، وهذا ما تم في بلدنا وغيره.

ثرواتنا
لماذا لم نطرح على أنفسنا ولحكوماتنا أسئلة من نوع: لماذا وكيف يتحكم الغرب بثرواتنا وهو من يحدد أسعارها ويفرض قيوداً على التصرف فيها، ولا يمكن أن يتم التنقيب عنها واستخراجها وتصفيتها إلا عبر شركاتهم العابرة للقارات في كل أماكن وجود الثروة، ويجب أن تورد الأموال كودائع في بنوكم وبعملتهم؟!
مازلنا حتى اليوم ننجر بكل سذاجة وراء تلك الكذبة المضللة، ونستمر في السماح لهم بتحويلنا كشعوب حرة إلى مجموعة من السُذج، سطحيي النظرة، قصيري التفكيري، محدودي الفهم، وكأننا غائبون عن الوعي، نعيش رهبة الخوف من التخلص من سطوتهم وهيمنتهم على بلداننا، ونخشى رفضهم خوفاً من أسطورتهم الهوليوودية باستحالة مواجهة قدرات أمريكا، وأن جندي المارينز له القدرة على أن يبيد جيشاً كاملاً بمفرده، وتصويره بصورة المقاتل الذي لا يهزم، وقد كُسرت هذه الفوبيا على يد اليمنيين، جيشاً ولجاناً شعبية، وفي جغرافيا أخرى كحزب الله وباقي محور المقاومة.
ألم نكن نسمع من يقول لنا مستغرباً: من ستواجه؟! ستواجه أمريكا وبريطانيا و»إسرائيل»؟!! وكألا أحد قادر على مواجهتها أو حتى يجرؤ على مواجهتها، لكننا تجاوزنا هذا الحاجز ميدانياً، فمتى يتخلص السياسيون والاقتصاديون والإداريون من هذه العقدة التي طالما كانت سبب ما نحن فيه؟!
فمثلاً: متى ستراجع الحكومات العقود الجائرة للشركات النفطية الأجنبية، ونستقل ببناء بنيتنا التحتية بشركات وطنية تمتلكها الدولة، ونستخرج ثرواتنا بأنفسنا ونتحكم بمصيرنا وقرارنا؟!
اليمن سيكون نموذجاً لكل دول العالم التي تخشى اتخاذ القرارات الصعبة وكسر أغلال الطاعة العربية التي حولت الشعوب الحرة إلى مستعبدة.

تخدعنا شعارات السلام التي يرفعها ثلة من مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية على مر التاريخ، ومازلنا نستمع لهم وبإصغاء لمن يتحدث عن التعايش، متناسين أنه كيان سرطاني تأسس منذ اللحظة الأولى على أكوام جثث الإبادة الجماعية بحق السكان الأصليين للقارة الأمريكية واستعبدهم لبناء السكك الحديدية، كما طبق النموذج نفسه في توطين الصهاينة في أرض فلسطين المحتلة.
لافتات زائفة يرفعها الغرب في منطقتنا متوارياً في كل مرحلة خلف غطاء سياسي وقرارات مبتذلة. وقد جربنا كيمنيين الخدع الأممية بالكيفية نفسها، فما حصل من تدخل في شؤوننا تحت القميص الأممي بقرار رقم (2216) والذي بموجبه أجاز الغرب لنفسه القدوم والتحرك عبر أدواته في المنطقة لاحتلال وتدمير اليمن خدمة لمصلحة الكيان الصهيوني. قناعات الصهاينة والغرب أن الخطر على وجودهم الخبيث ومصالحهم هو بوجود صحوة فكرية حقيقية تنامت وتمحورت وتجسدت في المشروع القرآني لدى اليمنيين تحت قيادة أعلام الهدى، الأمر الذي اكتمل بوجوده تكامل تشكيلة محور المقاومة في المنطقة، مما يعني أن الغرب يرصد ويحلل ويقيم، فتشكلت لديهم رؤية ببداية العد التنازلي لاجتثاثهم، فبادروا لخوض معركة استباقية لعل وعسى يمكنهم تغيير قواعد الاشتباك وكسب نقاط وتثبيتها قبل فوات الأوان.

التزامن والتوقيت ليس صدفة
تزامن الوجود الصهيوني الغاصب وقيام دولة بني سعود ودويلة الإمارات في جسد الأمة العربية والإسلامية ليس من باب الصدفة، فهو أجندة استخباراتية ومخطط أولي تم تنفيذه لتهيئة الأمور لوجيستياً وسياسياً للسيطرة على المنطقة وتمكين الصهاينة من احتلال الأراضي الفلسطينية كبداية، ثم السيطرة على نجد والحجاز، ثم تقديم بديل تحت غطاء ديني بصورة ماسخة لهدم الإسلام من الداخل وتمزيق جسد الأمة الإسلامية بإسلام مشوه ابتداءً من السيطرة الدينية على الحرم الشريف ومنبر رسول الله. تم العمل لأكثر من قرنين عبر تقديم عملاء بريطانيين كمشائخ، وتم نشر أفكار «ابن تيمية» و«ابن عبدالوهاب» وصولاً إلى الجيل الثاني «ابن عثيمين» و«ابن باز»، الذين فصلوا القميص المشهور للإسلام موسوماً بشعار ومسمى الإرهاب.
عقود تشهد على مخطط الماسونية لضرب الإسلام من الداخل عبر أدوات تلبست الإسلام بجناحيه (أبناء محمد عبدالوهاب فكرياً وبنوي سعود سياسيا). تساقطت تلك الأقنعة في العقد الأخير وظهرت مجاميع المسوخ، مرحلة أولى «القاعدة» بعد ذلك «داعش»، تطرف وتفجير وحز الرقاب وسبي النساء وتفجير الأضرحة...
أوباش لا يمتون للإسلام بصلة، مهمتهم تدمير الدول الإسلامية وتشويه صورة المسلمين وصنع صورة للغرب يتم استخدامها كذرائع لاستهداف الإسلام وأهله في كل أرض، تكشف مؤخراً خلع الفكر الوهابي عباية الأمر بالمعروف والتطرف والتشدد الإرهابي وسلاسة الانتقال لمرحلة الإسلام الغربي والانفتاح وإباحة الخمور والاختلاط وحفلات المجون وشرعنة الفسق وإغلاق مكة المكرمة وإقامة بازارات المجون والليالي الملاح.. يا سبحان الله!
انكشف الوجه الحقيقي لهؤلاء الصهاينة واختراقهم للإسلام كاملاً إلى التطبيع وغيره، فلم يعد يتبقى للأمة الإسلامية من عُذر، ومن يحاول التبرير والدفاع عنهم؟!

الجامعة «العبرية»
من صنع لمصلحته الأمم المتحدة وغيرها ليمرر ويشرعن عبرها مخططاته ومصالحه، زرع وأوجد الجامعة العربية التي منذ إنشائها ما هي مصلحتنا كأمة عربية فيها؟! وماذا قد صدر منها عربياً؟! لا شيء، فملف القضية الفلسطينية في أدراجها بمظلومية لأكثر من 7 عقود. قناعتي أن الجامعة العربية وجدت لعزلنا عن بقية الأمة الإسلامية ومنطقتنا في جغرافيا محصورة بعيداً عن المسلمين في كل مكان. من مهام الجامعة تصنيف كل الأحرار والشرفاء كمنظمات إرهابية، كما حصل مع حزب الله، وما يحصل اليوم معنا كيمنيين، استعداء المسلمين الرافضين للاستكبار العالمي أمريكا و«إسرائيل»، كما هو حاصل من نشاط «الجامعة العبرية» تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

متى نعيد التقييم؟! وأين مصلحتنا من كل اتفاقية ومعاهدة؟!
هل ستتحرك الأنظمة الحاكمة إسلامياً وعربيا لفتح باب تقييم ومراجعة كل المواثيق التي تم توريطنا بها؟! لا، لا أعتقد، ما لم تضج الشعوب ويتحرك الشرفاء من كل الاتجاهات للوقوف بوضوح أمام سؤال: ما هي مصلحتنا؟! وماذا سيتحقق لنا من كل ما ذكر؟!
مثال: معاهدة المياه الدولية وقوانينها. نحن كدول ابتداءً من منطقتنا، ماذا حققنا لدولنا؟! لا شيء! اعترفنا ببنود أباحت سواحلنا وحدودنا البحرية لأساطيل وبوارج الغرب للتواجد والتحرك، وأوجدنا بوابة مفتوحة لقدومهم بقواتهم واستعمارنا من البوابات الساحلية. من دولنا العربية من لديه قارب قادر أن يبحر إلى السواحل الأوروبية ويتواجد في مياههم البحرية؟! لا أحد، أهم المضايق الدولية نملكها نحن، تنازلنا عنها بتوقيع اتفاقيات تصب في مصالحهم. وحربهم على إيران من أسبابها امتلاك إيران قدرات بحرية شكلت ندية وتهديداً لمخططاتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات