فضيحة إماراتية بجلاجل
 

شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
نشرت صحيفة "لا" في عددها الصادر يوم الأحد الماضي 19-12-2021م، خبراً مفاده أن مصر طردت السفير الإماراتي لديها لتورطه بتهريب آثار مصرية إلى خارج البلاد.
تحولت جريمة السفير الإماراتي إلى قضية رأي عام في الشارع المصري، بعد أن فشلت الإمارات في احتواء فضيحة سفيرها المهرب للآثار. وتقرأ الواقعة في سياق توتر لم يتضح بعد في العلاقات بين الدولتين. فضيحة دبلوماسية من العيار الثقيل تثبت للعالم حقيقة الإماراتيين، وتكشف النقاب عن نشاط بعثاتهم الدبلوماسية في كل بلد والتي لم يكشف الستار عنها بعد. دولة تمارس عبر سفاراتها التي تعين على رأس بعثاتها ضباطاً استخباراتيين من خارج السلك الدبلوماسي يمارسون أنشطة مخالفة للأعراف الدبلوماسية، فعبر سفاراتهم يخترقون نظام الدولة المستضيفة وينشطون لتشكيل عصابات تهريب ويمارسون أنشطة تجسسية واستخباراتية تستهدف الفئات المثقفة؛ كتاباً وإعلاميين وشخصيات وقوى سياسية ونـُخب اجتماعية وبرلمانيين...
بعد هذه الفضيحة، لو فتحت دول المنطقة الملف الأسود لنشاط سفارات الإمارات على وجه الخصوص وما جاورها من الدويلات المستجد تشكلها وظهورها في المنطقة، ومن صحارى تحولت إلى دول، لاتضح بالدلائل أنها تمارس على الأقل سرقة الآثار في كل أرض. وبدون شك فإن دويلة الإمارات تدير شبكات أوسخ من تهريب الآثار، وهي شبكات الاتجار بالبشر وإدارة غُرف تجَسس صهيونية وبكوادر صهيونية بصفات وجوازات إماراتية.
اليمن كان أحد أهداف دويلة الإمارات وغيرها لسرقة آثارها، فكم من آثار يمنية، منها آلاف القطع الأثرية والتاريخية ومئات المخطوطات العلمية منها الكُتب النادرة تمت سرقتها وتهريبها إلى خارج اليمن وعبر المنافذ الرسمية خلال العشرين السنة الماضية، وما قبل ذلك؛ سيوف فضية وبرونزية، وتماثيل، ومنحوتات يعود عمرها لآلاف السنين...
كيف تم تهريبها؟! عصابات التهريب المحلية قد تتمكن من تنفيذ بعض عمليات التهريب، ولكن مع وجود سفير إماراتي وبعثة دبلوماسية تمارس النشاطات القذرة مستغلة الغطاء المتوفر وعبر الحقائب الدبلوماسية لن يكون هناك أي مشكلة، وهكذا هُربت آثار اليمن.
كم نتألم عندما نسمع بوجود الآثار اليمنية التاريخية الممتدة لعشرات القرون في دويلات لم يمض على وجودها المائة عام! قبل العدوان بفترة كان يتم شراء الأبواب الخشبية القديمة والجروف الخشبية التي اشتهرت بها المنازل القديمة وبعض المدن التاريخية، خصوصاً في صنعاء القديمة، يتم الشراء عبر سماسرة محليين، وتختفي هذه الآثار إذ يتم نقلها إلى دويلة تسرق التاريخ وتبحث لها عن ماض ولو بباب قديم! الواضح أن النظام السابق كان على معرفة بما يحصل ويتجاهل في تواطؤ يُعد جريمة في حق أجيال ووطن. قبل أكثر من عقد سمع الشارع اليمني قصة مافيا تهريب الآثار عبر المدير الإقليمي لما كان يعرف ببنك "اكريكول انديسويس" الفرنسي وتورط رؤوس كبيرة في النظام السابق.
ملف تهريب آثار اليمن ملف أسود لو استقرت الدولة الحاكمة اليوم، والأمل في وطنيتهم كبير لفتح تحقيق شامل يكشف جرائم سرقة الآثار اليمنية والمتورطين فيها أياً كانوا. لكن نلاحظ أن هناك غياباً تاماً لدور وزارة الثقافة وهيئة الآثار والمتاحف في هذا الجانب، فمن المعروف وجود تجار تحف يبيعون قطعاً أثرية، والبعض يمتلك متحفاً مصغراً لعرض القطع الأثرية، فهل الجهات المعنية على غير علم بهذا الأمر؟! وكيف حصل تجار الآثار على هذه القطع؟! ومن أين؟! وبأي حق يمتلكون صلاحية بيع ثروة قومية وإرث وطني غير قابل للاتجار وتهريبه خارج اليمن؟!
اليوم، هل تتحرك الجهات المعنية وتنفذ حملة مدروسة لحصر وضبط سوق تجارة وتهريب الآثار؟! هل يبادرون بمسؤولية لحماية مواقع التنقيب الأثرية التي حتى الآن مباحة للعبث والسلب والنهب؟! هل يتم تشكيل فريق متخصص لتوثيق ما يمكن توثيقه من معلومات عن الآثار المهربة؛ أماكن تواجدها ومعرفة كيف خرجت من البلاد، وبالتعاون مع السلطات الأمنية؟!
الجميع يرى كيف لا يغيب التاريخ المصري والآثار المصرية عن أي نشاط ثقافي فكري وترويجي وإنتاج إعلامي (مرئي ومطبوع)، فهل نحن أقل حضارة ولا نمتلك الآثار التاريخية لنفتخر بها ونعتز بانتمائنا وإرثنا ونحافظ عليه جيلاً بعد جيل؟! من لا يحترم ماضيه لن يحترم حاضره ولا مستقبله.

أترك تعليقاً

التعليقات