شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
انتهت المكالمة بين "سلام الله عليه" والشخصية الوطنية التي التقيت بها، كما ذكرت في الحلقة السابقة، وكنت أقول لنفسي عندما سمعت "سلام الله عليه" يحاول إنكار معرفته بي وبالقضية: لو لم يكن الأستاذ (الشخصية الوطنية) اطلع وقرأ التقرير والحكم واتصل بكاتب وموقع التقرير قبل اتصاله بـ"سلام الله عليه" لقال إنني كاذب.
بعد انتهاء المكالمة، قال لي الشخص الذي قصدت زيارته وطرح قضيتي عليه: أنت سمعت الرد بنفسك، خلينا ننتظر أسبوع، نشوف إيش عيتم.
قلت له: يا أستاذ هم يكذبون، والله ما يفعلوا حاجة، أنتم أوصلوا شكواي إلى سيد الثورة وهو سينصفني ويأخذ بحقي.
رد علي: انتظر الأسبوع هذا نشوف إيش عيتم لأجل نخرج من الملامة، ولكي لا يقول "سلام الله عليه" إننا وصلنا للسيد ولم نتكلم معه.
مضى الأسبوع. أرسل "سلام الله عليه" أحد تابعيه، وهو أحد المتعيشين بباب غريمي، للقائي ويقول لي: لا تضيع نفسك وتعاند وتتشكى بـ"سلام الله عليه"!... وبدأ يساومني بعشرات الملايين طالباً مني التوقيع على تنازل وأنهُ لم يعد لدي أي مطلب.
رفضت ذلك، طالباً قبل أي شيء رد اعتباري على اتهامي وما حصل في حقي من شتم وإهانات وتشهير وتهديد ومعاقبة المتسببين. رد علي المرسل من "سلام الله عليه": أنت عتدور ما تأكل وتضيع نفسك!... قال ذلك بكبر وعنجهية ولهجة متوعدة متغطرسة.
انتهى اللقاء، فأبلغت مكتب الشخص الذي سبق أن ذكرته في هذه الجزئية بتفاصيل اللقاء والنقاش الذي دار بتفاصيله، ولم يعد أحد بعد ذلك يجيب، فلم أعد أكثر مضايقتي للناس، لمعرفتي وإدراكي من خلال ما مررت به أثناء قضيتي أن هناك أحراراً صادقين ولكنهم قليلو الحيلة أمام دكتاتور جديد يتشكل في هذه المرحلة، وهنا الكارثة.
بدأت مرحلة قاسية من الصراع بعد ذلك، كيف أوصل الشكوى إلى سيد الثورة؟! مرحلة جديدة من الصراع والمعاناة والقهر الذي يملأ القلب حُزناً، مئات الأيام تَعصِفُ بي وأسرتي، فبيوت العزيزين أسرار، لم نشتك لأحد ظروفنا ولم نَطلب مساعدة من أحد، مَررنا بأيام تَركت آثارها فينا وخطت علاماتُها في وجهي.
لم يوصلني إلى ما أنا فيه حصار العدوان، ولم يقطع راتبي ابن سلمان وابن زايد، بل أحد قاداتنا اليوم ممن يفترض أن يكونوا بوابة إنصاف للمستضعفين وشوكة ميزان للعدالة الإنسانية الحقة التي هي رُكن من أركان مدرسة الشهيد القائد "رحمه الله"، ولكن وا أسفاه!
من نهاية الثُلث الأول من العام 2019 بدأت رحلة طويلة شَهدت أحداثاً ووقائع مؤلمة، أبواباً مُغلقة، مُحيطاً مُتردداً خوفاً من المواجهة حتى وإن كانت القضية عادلة... والحقيقة أن هناك مظلومية مثبتة وواضحة. مئات الأيام وعشرات الرسائل أناشد وأستغيث فيها بعد الله بسيد الثورة بعد فشل كل المحاولات السابقة وتدخلات مَن تدخل مِن العقلاء.
كُنت أكتب وأبعثُ بشكوى إلى سيد الثورة، ولم يَكُن يصلني صدى وصول شكواي إلى السيد القائد، وأنتظر أسابيع أبحث عن شخص جديد قد يوصل رسالتي إلى سيد الثورة، والشيء نفسه: لا رد. يضُجّ صوت من داخلي: لماذا لم يرد سيد الثورة على مناشدتي؟! هل من وعدني بإيصال الشكوى نكث بوعده؟! هل تردد في إيصال الشكوى لأنه لا يريد أن يسبب لنفسه الحرج أمام "سلام الله عليه"، وأنهُ من أوصل شكوى شرف حجر إلى سيد الثورة؟!
وهكذا مرت مئات الأيام، تجاوزت فيها الرسائل إلى سيد الثورة أكثر من 35 رسالة. الضجيج نفسه في عقلي وبصوت أرهقني: معقول أن سيد الثورة لا يهتم؟! وفي اللحظة نفسها أستحضر محاضرات سيد الثورة وخطاباته وصورته في عقلي، وأقول: مستحيل أن ما ينطُق بهِ السيد مجرد كلام ودغدغة لمشاعر المستضعفين واستهلاك خطاب سياسي للطبطبة على شعبه بكلام ينتظر الناس سماعه من سيد الثورة وآمالهم المعلقة -بعد الله- بشخص سيد الثورة في تحقيق التغيير المنشود وتحقيق العدالة المفقودة!
في شهر شعبان العام 2019 التقيت أحد أعضاء المكتب السياسي لأنصار الله، وهو شخص متواضع جداً وطيب الكلام. رحب بي وأخرج مرافقيه وأفسح لي المجال للتحدث بكل تفاصيل قضيتي، وهو يستمع لي دون أي مقاطعة، حتى عندما رنت تلفوناته أخرجها وسلمها أحد مرافقيه.
شرحتُ لهُ قضيتي من بدايتها وبالتفصيل، وقدمت بين يديه الإثباتات والأدلة وأسماء الشهود حتى انتهيت. اطلع على تقرير نائب الوزير وحكم المُكلف الأخير من قبل "سلام الله عليه". سجل بعض الأسماء في ورقة ملاحظات والتفت نحوي قائلاً: إن كان ما سمعته منك وما أطلعتني عليه كما تقول فلا تقلق، لن يضيع حقك ولن يفلت المتسببون، وستأخذ حقك ويرد اعتبارك ويتم إنصافك، أنت في دولة المسيرة، والقائد العلم حفيد أعلام الهدى والمولى لا يقبل الظلم من أي كائن كان.
ثم طلب مني أن أمنحه فرصة للتأكد وسيتصل بي، وأعطاني رقمه الشخصي الذي لا يغلق نهائياً، وودعنا وغادرت اللقاء وأنا اقول في نفسي: رجل طيب ومتواضع، ولكنه لن يتصل بي بعد ذلك كسابقيه.
بعد أقل من أسبوع اتصل بي طالباً حضوري، فتحركت للقائه في مكتبه، ودار نقاش وبدأ الحديث قائلاً: أنا أردت أن أتأكد من كل شيء بنفسي قبل أن أدخل وجهي في الموضوع، والتقيت بالمحكم المطلع على تفاصيل القضية وحقيقة المظلومية من بدايتها (نائب الوزير)، وأكد لي كل التفاصيل التي سمعتها منك، وأكد أن التقرير تقريره والتوقيع توقيعه، ودار بيننا نقاش لا داعي لأن أقول لك تفاصيله.
ثم قال لي عضو المكتب السياسي: أريد أن أسألك وتجييني بصدق.
فقلت له: تفضل.
فسألني: كيف لك صابر على هذا الظلم إلى اليوم ولم تنشر في الإعلام ووسائل التواصل ما بيدك من إثباتات وتفضح ما بحوزتك من تفاصيل ومجريات إلى الآن؟!
أجبته بالقول: يا أستاذ، أنا حريص على عدم الإساءة لأنصار الله أو للقيادة ممثلة بالسيد عبدالملك، حتى لا يوظف العدو القضية توظيفاً خبيثاً ويستهدفنا بالتشويه، واحتراماً للسيد القائد وللرجال المجاهدين في الجبهات، وعلى اعتبار أن ما حصل هو غلطة، وثقتي بأن سيد الثورة سيعالجها وسيأخذ بحقي ممن ظلمني ويعالج التبعات ويُجبر الضرر، وهذا ما أدفعُ ثمنه إلى اليوم، ولم أفقد الأمل من مناشداتي لسيد الثورة حتى يصل خبري ويصلني جواب السيد المنصف لي وتنتهي معاناتي.
كان حاضراً بيننا أحد أصدقاء عضو المكتب السياسي، وهو عضو في اللجنة الثورية العليا في السابق ووكيل وزارة حالياً، فقال عضو المكتب السياسي: قضيتك يا شرف حجر في وجه جميع من ينتمون لأنصار الله، ولن نتخلى عنك، وسنوصل موضوعك إلى السيد العلم.
وطمأنني الرجل بكلام طيب وقال لي: جهز شكواك الواضحة مع المرفقات وأنا سأوصلها إلى السيد وأتابع وصولها إليه شخصياً. ثم أضاف: أنت تجملت يا شرف بحرصك وتحمل المعاناة والتضحية وعدم نشر القضية إعلامياً، وهذا سيكون محل تقدير لدى السيد عبدالملك، وبارك الله فيك، جهز ما طلبته منك وأحضره إليَّ وأنا سأتابع.
غادرت اللقاء وأنا أقول في نفسي: كثر الله خيره، مازال هناك خيرون وصادقون ويتحملون مسؤولية تجاه الناس. وفي اليوم نفسه جهزت الشكوى مع المرفقات وسلمتها لعضو المكتب السياسي، وانتظرت ماذا سيحدث.



أترك تعليقاً

التعليقات