شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
بالقهر والحزن اللذين عشتهما طيلة عامين بسبب الظلم المجحف الذي لحق بي، بدت وكأنها مدة لم تكفِ، ليضاف حزن جديد إلى حياتي كان أشد وقعاً عليّ؛ وذلك بوفاة أمي الغالية، سندي الوحيد في هذه الحياة (رحمة الله تغشاها).
 كان كانون الأول/ ديسمبر 2020، هو شهر الحُزن بالنسبة لي، بوفاة أمي، التي لم أعرف في دُنياي غيرها أباً وأماً، فقد وُلدتُ يتيم الأب؛ لكني لم أشعر باليُتم في وجودها وفي كنفها وحنانها، لم أشعر أنني يتيم في صغري.
كبرتُ برفقتها يوماً بيوم وعاماً بعام، ولم أتخيل لحظة أنها ستفارقني بهذه السرعة! وحدها كانت (رحمة الله تغشاها) من يهتم لأمري، بقلب الأمومة الذي لا يمل، تنتظرني كل يوم ولا تستطيع النوم حتى تطمئن أنني عُدت إلى البيت، خاصة في الفترة السابقة، وتحديداً أثناء فترة القضية؛ بسبب قلقها من أن ينالني أي مكروه، وبسبب الأحداث التي عاشتها وعاصرتها إلى جانبي يوماً بيوم.
لم يكن يمر يوم إلا وتسألني: هل جاوبك السيد عبدالملك؟! هل أنصفك السيد عبدالملك؟! ما سويت؟!...
وكان ردي عليها يتكرر بشكل دائم: عاده يا أمي، مازلت أنتظر!
تقول لي: شلني لعند السيد عبدالملك، وانا شاحاكيه يخارجك وينصفك!
ولا أدري كيف أرد عليها، فكنت أقول لها: يا أمي، ظروف الحرب والعدوان أبعدت السيد عن الناس، ولقاؤه صعب.
ترجع تدعو للسيد أن يسخّر الله قلبه ينصفني ويجيب عليّ، وأن ينصف لي الله ممن ظلمني. ولم تكن تدري (رحمها الله) أنه كلما يسخر الله للأمة علم هدى، يبتلي اللهُ الأمة بـ"أبو قحافة" يقيم نفسه بأنه يفهم أكثر من السيد، ويتحول إلى حجر عثرة على عتبة ولي الله في وجوه المستضعفين من الناس.
كم أنا حزين على أمي، خاصة وأن آخر سنوات حياتها كانت قاسية عليها، وكانت تتألم عليّ، ومررنا معاً بظروف صعبة، بسبب قضيتي، وعانت من معاناتي، ورحلت وهي تنتظر عدالة ما تزال متأخرة، عدالة ضائعة في غياهب مكتب السيد، وقبل أن تَشهد على إنصاف السيد لي، ولكي أتمكن من تعويضها على السنوات الأخيرة التي عاشتها مظلومة لظلمي!!
برحيلها، أظلمت الدنيا في وجهي! بموتها انطفأت شمعة النور! وبفراقها جفت مشاعر الحنان في دنياي! كُنت في حضرتها لا أزال ذلك الطفل الذي يطمئن عند النظر إليها، ولا أسأم أو أمل من أنني مازلت الولد الصغير في قلبها مهما كَبُرت في عينها. لا يكون المرء كبيراً إلا عندما يفقد أمه. ليتها أخذتني معها؛ فكما يُقال: "الحياة مع الظالمين ليست إلا غَرما"! وسبحان الله الذي بيده جَبر القلوب، مع أن فراق الأم لا يعوض أبداً.
ليس هناك كلام يصفُ مشاعري، ولا كلام يقدر على نقل ضيمي، ولا كلام يُصورُ عَتبي على السيد القائد، الذي سُقيت نفوسنا حُباً وولاءً لهُ، بينما خاصته من عامليه ومقربيه جرّعنا ويلات الظلم ومرارة القهر، ووصلت صرخاتُنا إليه ولم يُغثنا ويَكُفّ أيدي من جار علينا وتعمد أذيتنا، فمجرد توجيه تكرر صدوره منه لا يكفي ولا يشفي مادام صوانُ الظالمين منصوباً والعدالة ضعيفة ولا تجرؤ على النفاذ وإنصافنا في ظُلمة تاهت في حلكتها توجيهات السيد العلم بإنصاف لم يتم وعدالة واهنة لم تتحقق ومعاناة مستمرة لم تنتهِ ومظلوم يَنزفُ أمام عتبات أبواب يُقفلُها القساة من الحاشية التي لا تمتُّ بصلة للسيد القائد والمشروع والنهج القرآني، ما دامت لا ترى للمستضعفين قدراً ومحلاً في منظورها السلطوي، وتحيد عن الحق وتميل عن الصواب! عَتبي على السيد القائد (حفظه الله) عتب المُحب في الدنيا الفانية؛ نحنُ رعاياه ومسؤولون منه أمام الله عز وجل وفي ذمته يوم الوقوف بين يديه، أعراضنا وأموالنا وأنفسنا وهمومنا وسلامتنا مسؤوليته أمام الله، فنحنُ شعبه. الله الله! ماذا أقول؟! فليس هناك كلام يصف ما بي!
 انتهى العام 2020 بنصب عزاء كبير في دُنياي ومصابي على فراق أمي، ووجعي وألمي لرحيلها وفراقها. نَسيتُ همومي ومرارة الظلم الذي رماني به من ظلمني وجعلني أعاني بسببه مستقوياً بسلطانه الباغي لقهري والنيل مني منذ بداية قضيتي عام 2017 وحتى الآن، وباسم المسيرة القرآنية، والمسيرة منه براء.
 اتصل بي الرجل المؤمن "أبو زين" يعزيني في وفاة والدتي ويسألني ما إذا كُنت أحتاج شيء (زلط، أو أي شيء) هو جاهز. كنت على ثقة بأنهُ كان يعني ما يقول بصدق، كثر الله خيره على سؤاله، وقد ظل يسأل عني بعد ذلك باستمرار.
وفي بداية العام 2021 تواصل معي المجاهد "أبو زين" وأبلغني أنه صدر توجيه من السيد عبدالملك بتكليف لجنة للبت في قضيتي، تتكون من شخصين، ممن سبق وتم تكليفهم من قبل السيد في الفترات الماضية. المُكلف الأول كان نائب الوزير المطلع على القضية من أول يوم، وكان أحد من كلفهم من ظلمني يومها، وهو صاحب التقرير الذي وثق مجريات القضية وأثبت براءتي. أما المُكلف الثاني فكان "أبو شهاب"، وقد سبق وتم تكليفه من قبل بحسب توجيهات السيد عبدالملك.
 زرت "أبو زين"، الذي كشف لي أن السيد فوجئ من عدم حل القضية حتى الآن، وأنه سأل مكتبه قائلاً إنه كان قد كلف "أبو شهاب" فيها قبل قرابة العام، فلماذا لم يتم شيء؟! وتم التواصل مع "أبو شهاب"، الذي تم سؤاله: كيف لم تنتهِ قضية شرف حجر حتى اليوم وقد تم تكليفك؟!
رد أبو شهاب بالقول: أنا رفعت أكثر من تقرير بما توصلت إليه، منتظراً التوجيهات من المولى، وظللت أتابع المكتب ولم يصلني أي رد.
فقال المولى: لم يصلني أي شيء. ثم وجه السؤال للمعنيين: هل صحيح رُفعت تقارير بخصوص الموضوع من "أبو شهاب"؟ ولماذا لم تصلني؟!
فأجابوا على سيد الثورة قائلين: أصلاً تواصل بنا "سلام الله عليه"، وطلب منا أن لا نتعامل مع القضية ولا نصدق شرف حجر ولا ندخل التقارير ونشغل السيد بالموضوع!
الله الله والظلم! ولا هم آسفين لوجعي ومعاناتي، ولا عندهم ضمير ولا أخلاق! المحيطون بسيد الثورة يخفون عنه الحقائق ويغيبون عنه المظالم غير آبهين!
طيب، إذا كانوا قد تعودوا إخفاء الشكاوى وتتويه التوجيهات بلجان ما أنزل الله بها من سلطان؛ لكن تقرير الذين كلفهم المولى شخصياً، وهم رجال موثوق فيهم ويعرفهم السيد عز المعرفة، كيف أصف هذه الكارثة التي تحصل؟!
 صدر توجيه من المولى بتكليف جديد لـ"أبو شهاب" ونائب الوزير الذي سبق وذكرت في عدة حلقات، كونه مطلعاً على كل شيء، وبمعية "أبو زين". تحرك المُكلفون الجدد تحركاً جاداً لإنهاء القضية ومعالجة الموقف وإنصافي ورفع الظلم عني، واجتمعوا وخاضوا في تفاصيل كثيرة، حتى توصلوا إلى خلاصة تم رفعها إلى السيد عبدالملك (حفظه الله) وتمت مباركتها من قبل السيد والتوجيه بتنفيذها، وقد تضمنت الخلاصة أربع نقاط من شأن تنفيذها أن ينهي القضية.
 في 1 شباط/ فبراير 2021 اتصل بي أحد المُكلفين (نائب الوزير) طالباً حضوري للقائه. ذهبت للقائه ودار نقاش خلاصته أن المُكلفين وصلوا مع "سلام الله عليه" إلى طريق مسدود، ولا فائدة من مراجعته، فهو مُصِرّ على تعنته، وأن المُكلفين قد توصلوا إلى مقترح لحل القضية بعيداً عن "سلام الله عليه"، وبموافقة السيد عبدالملك بدر الدين (يحفظه الله). وقال لي نائب الوزير: يا شرف أنت باتخطى بكلامنا وتوافق على ما رأيناه وتوصلنا إليه لحل قضيتك وإنهاء مظلوميتك؟! وطرح عليَّ أربع نقاط؛ غير أن هذا المقترح أغفل نقطتين هامتين، لكن رغم ذلك وافقت يومها ولم أرفض ما طُرح من قبل المكلفين. وسأتناول هاتين النقطتين، إضافة إلى النقاط الأربع التي وضعها المُكلفون في مقترح الحل، في الحلقة القادمة.


أترك تعليقاً

التعليقات