شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
 لم يَخلُ زمان ولم تَخلُ مرحلة ولم تَسلم ثورة من الوشايات والدسائس التي تستهدف الشرفاء وأصحاب القناعات والآراء الصريحة من قِبل المتطفلين وفلول المتسلقين وتكتلات المذبذبين الذين يعملون من خلف الستار ويتخصصون في برزات الوشاية أوقاتا تملقاً وأحياناً تقرباً، ذُباب التعيش على النميمة والكذب وشيطنة الرجال لتكون الساحة خالية لتواجدهم وطنينهم، فنجدهم يضللون ويسوفون ويشككون ويحقرون ويقزمون من سواهم. لم يكن وجودهم نتاجا لمرحلة ما، حيث إن الكثير منهم كانوا ممتهنين لنفس القباحة ومتقربين قُرباً لحاكم سَبق ولمسؤول نَفق من عهد ما قبل ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر المجيدة، سريعي التلون وحقيري السلوك وفاسدي السريرة يرقصون ويطبلون بكل عُرس وزمان، يَعملون عمل العدو بثوب الموالي فيفرقون ويَفسدون ويتقافزون لتقديم أنفسِهم بُغية الظهور.
 هؤلاء عملهم فساد وبقاؤهم خراب يتسلقون ويُسفهون المخلصين ويحاربون من وجودهُ من الصادقين يُكدر حظوتَهم، نشاطهم التحريف وسعيهم الاختراق، يُقدمون اليوم،  وبِكُل افتراء، أنفُسهم مناضلين سابقين ومُضحين، لا يَخفى سابق تاريخهم عمن يريد معرفة ماضيهم قَبل تقربهم اليوم، وَجدوا فراغا فنَفذوا من خلاله، فهم يُجيدون إيجاد الشقوق فيتسربُون من أسفلها وصولاً للأعلى.
 مقولة تاريخية أن الثورات يُخطط لها العظماء ويُضحي لأجلها الأبطال ويستفيد ويستغلها الجبناء، فلماذا؟!
 التضحيات كبيرة والهموم جسيمة والحِملُ ثقيل والتساهل والتجاهلُ عَظيم.
من الدين كَفُّ النميمة وكَبحُ لِجامِ الدسيسة، ومن العقل التأكد، ومن الواجب التحقق وعَدم التعجل، ومن المسؤولية التيقن قبل إطلاق الأحكام وتَصديق التُّهم الكيدية ومن اللازم عدم التسرع واعتماد ما نُقل، فمن "مَسمر" وأبلغ ليس ملاكاً سماويا، ومن "حارش ووزز"... فلشيء في نَفسه وربما خدمة دفع مسبق.
 والمعيب اليوم أن تصدر وشاية من شخص في سابق عهده عرف الحق وذاق مرارة الظلم وتألم من عنجهية المتسلطين والآن بعد أن ابترمت ساقاه وتوردت أوجانه وأصبحت مقدمته بقطر نصف دائرة وخلفيته بعرض كيس القمح وأصبح ذا حظوة وصاحب صولة ودولة وبدرجة أصحاب المعالي "أسكرته زبيبة"، نجده يكذب ويرمي الآخرين ببهتان ويشهد الزور لشيء في نفسه متستراً بمكانة وصل إليها وصفة مكنته ليمارس الآن ما كان لديه موضع شكوى في سابق زمانه وبشكل أبشع وأقذر، واليوم.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
 ما أعظم ما ورد في محاضرات وملازم الشهيد القائد (رحمه الله) عن التقوى.. عن الصدق.. عن النقاء.. عن التحرك، وأن يكون الرقيب هو الله على تصرفاتنا وكلامنا وما تُضمره نفوسنا، يقول الله تعالى: "ليسأل الصادقين عن صدقهم".
لا يقول اليوم متعنقل مُزايداً ضحينا فَنحنُ في خير بفعل تَضحيات من جادوا بتضحياتهم في الحروب الأولى والثانية والثالثة والرابعة (رحمهم الله أجمعين)، ويَعرف كل نفسه كيف كان في زمن الرجولة والثبات والتضحية الكربلائية للسابقين من العظماء (سلام الله عليهم)؟ وأين كان؟ من ضحى اليوم هو من باع نفسهُ لله ودين الله ونال شرف الشهادة لنفسه فهنيئاً لهم فلا يزايد بفضلهم أحد.
 اليوم رباعية توافرت (ثورة ومشروع وقائد وشعب) فرصة لم يسبق أن تهيأت واجتمعت بهذا الشكل والإجماع، فلا نفرط في المشروع والسيد القائد، والتساهل في التعامل مع السلبيات والزفقات، فالسلوكيات النشاز هُنا أو هُناك تتراكم وتتصلب في نفوس المجتمع وتولد السخط بين العامة، من يدعو لتأجيل المعالجة والوقوف بحزم لتصويب الاختلالات وتلافي الانزلاقات وتدارك تعاظم السلبيات ما هو إلا قرين سوء وعدو يتلبس قميص الحريص، فدولة المسيرة والنهجُ القرآني للأمة جمعاء وشخص وتوجه السيد القائد (حفظه الله ونصره) في توفير حياة كريمة وحكم عدالة ودولة للشعب تهتم لأمر رعيتها وتردع الظلم وترفض الباطل.
 من رحمة الله أن المسيرة القرآنية دين ودولة تُخفف من هموم الناس وتحتضنهم، تهتم لشؤونهم وتتحمل المسؤولية لرعايتهم وتتلمس احتياجاتهم، تجمعهم لا تفرقهم، لولا العدوان لتمكن الأنصار (سلام الله عليهم) من تطبيق نموذج الدولة المطلوب كما حصل وعرفه الناس في مناطق صعدة وما جاورها بعد الحرب السادسة، وكيف تغيرت مناطق الأنصار واستقرت ونهضت الزراعة واستتب الأمن وتحقق العدل.
 يقدر الجميع صعوبة المرحلة وتراكماتها، لكن هذا لا يعني عدم التفاني في توظيف الممكن والمتاح بالشكل المناسب لتوفير وتقديم ما يُمكن للناس، فلم يطلب أحد المستحيل وتوزيع السعادة على الشعب، يكفي مراعاة النفوس وعدم التجريح وترك المناكفات وأن يكون العمل بصدق، وأن يكون في الاعتبار والتقدير تضحيات الرجال من الجيش واللجان الشعبية في جبهات التضحية والعزة والكرامة ومواجهة العدو حتى ننتصر بإذن الله تعالى.
 ليس من الصعب على من يرغب في ضبط الأمور معرفة كل فالت وخبيث كيف كان قبل سبع سنوات وإيش مع أبوه وأمه؟ وكيف كانت معيشته ومسكنه وما كان عليه حالهُ وكيف أصبح اليوم ووضع دائرة وعلامة استفهام للانتفاخ والتضخم والثراء الذي تفشى فجأة، ومن أين؟ وكيف؟ سيُقال إن أباه كان.. وكان.. فهل ورث عن أبيه الذي مات قبل أربعة عقود؟ هل كانت دجاجة أبيه الذي تبيض ذهباً عاقرا والآن باضت بعد أربعين عاما؟! ولماذا لم يظهر هذا الميراث من قبل؟! وهذا مثالاً لا حصراً، أو أن هذه الطفرة عندما تولى عمل كذا في كذا من العدوان ولفترة حولين كاملين فقط!
 رحم الله الشهيد الرئيس صالح الصماد القائل في أحد خطاباته: "في ظل هذا العدوان وما نحنُ فيه ذي بيفكر يبني بيت أو يشتري أرض وإلا بيت اكتبوا على جبينه…".
 عن أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام): "أحقر الناس من ازدهرت أحوالهم عندما ساءت أحوال الأمة".

أترك تعليقاً

التعليقات