شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
عقود مرت على رحيل آخر جندي بريطاني من مدينة عدن على وجه الخصوص والجنوب ككل، ولم يغب حُلم العودة من مُخيلة الإنجليز وأجندتهم الاستعمارية لليمن، وفي تلك الفترة لم يكن الكثير من شرائح المجتمع يستوعبون ما الذي يجنيه الاستعمار من احتلاله لعدن وما الذي يريده من اليمن!
ففي ذلك الوقت كان يُقال بأن ملكة بريطانيا تريد عدن كمصيف لقضاء الإجازات، وذلك للتضليل وإخفاء البعد الحقيقي والاستراتيجي من وراء الاستعمار، لأهمية الموقع الجغرافية، فلم يكن في حينة نهب الثروات والاستيلاء عليها واضحاً، بسبب الظروف والعوامل الزمنية في ذلك الوقت كما هو اليوم، غير أن حلم العودة والسيطرة على عدن اليوم يتم بتكتيكات وتسميات وسيناريوهات جديدة.
فمن المعروف كيف قسم الإنجليز المحافظات الجنوبية المحتلة إلى سلطنات ومشيخات كغطاء لبسط النفوذ وضمان استمرارية الوجود عبر وكلاء طيعين لتمكين المحتل من التواجد كقوة تختفي خلف تابعيها وينفذون المطامع البريطانية في المنطقة ويؤمنون التهيئة لتواجدهم على خطوط حركة الملاحة البحرية وللسيطرة العسكرية على المضايق الدولية وممرات التجارة لضمان مصالحة، لكن تلك الأدوات لم تستطع الصمود بسبب تشكل مقاومة ناضلت وبشراسة حتى طرد الاحتلال ورحل العدو.
كان هذا الرحيل مجرد خروج مؤقت، ولم يغب حلم العودة لاحتلال جنوب اليمن، وعبر سيناريوهات ولعقود وعبر أدواته من دول المنطقة، خصوصاً بعض دول الجوار، فخلال فترة ما بعد خروج الاحتلال البريطاني استمر التلاعب من الداخل عبر قوى تنازعت لعقود من الزمن وبأجندات وتوجيهات خارجية، فلم يكن هناك استقرار ولا مشروع اقتتال وتصفيات وعصبيات ومكون يصفي الآخر، ولوحظ تصعيد شخصيات وهمية وتلميعها وتمكينها مالياً ومليشياوياً بالسلاح والإمكانات لفرض وجودها كواقع وطرف ممثل للخارج لا للداخل، مثل ما يحصل اليوم من تصفية لأبناء الجنوب والزج بهم تحت قيادة عميل وخائن كطارق عفاش، على أي أساس؟! ولماذا؟!
الاحتلال اليوم بوجهه الجديد لم يعد بحاجة لتحريك الأساطيل والقدوم بجنوده والزج بهم في معارك كما في السابق، فقد تغيرت التكتيكات لما فيه مصلحة الغازي وبالشكل الذي يجنبه الخسائر البشرية والمادية، وقد تبين بعد سنوات من الفوضى التي أدارتها مكونات عميلة تحت شعارات زائفة وتوظيف مظلومية الجنوب، وأججت النعرات المناطقية التي لغمت النسيج الاجتماعي، ظهرت بشكل علني أدوار الأدوات الجديدة مع انطلاق الحملة الاستعمارية الجديدة على اليمن شمالاً وجنوباً، فهل من يدعي أنه يمثل الحلم الجنوبي يمثل الشعب في المحافظات الجنوبية، مثل «داعش» و»القاعدة» وعيدروس ونينو الإمارات بن بريك وشلال وغيرهم؟!
هل الزج بأبناء المحافظات المحتلة في محارق الساحل الغربي تحت قيادة العميل طارق عفاش هو الطموح والحل للقضية الجنوبية؟! أليس هؤلاء هم سبب بلاء اليمن جنوباً وشمالاً؟! ألم يثبت العدوان عمالتهم ويكشف حقيقة وجوههم القذرة؟! ما الذي استجد حتى أصبح طارق مقبولاً جنوباً؟!
ما الذي قدمه الدنبوع الملقب بـ»رئيس شرعي» للمحافظات الجنوبية من مشروع، من استقرار، من دولة وخدمات واقتصاد وتنمية... إلخ؟! وهذا على سبيل الذكر لا الحصر، فمثلاً مبيعات النفط لقرابة الستة الأشهر الأولى من العام 2021 عبر ميناء النشيمة فقط قرابة المليار دولار من النفط، والثروات المنهوبة في الخفاء أضعاف مضاعفة. النفط من مأرب وحضرموت وشبوة وصادرات بلحاف من مبيعات الغاز مئات الملايين من الدولارات شهرياً، ماذا قدم للجنوبيين؟! من هو أساس البلاء على اليمن جنوباً وشمالاً؟!
كنت قد بحثت عن أي شيء يقنعني أن أهلنا في الجنوب مقتنعون بسرقة موقفهم والصمت على من يدعي أنهُ صوت شعب الجنوب كما يقال، فماذا حقق لهم هؤلاء العملاء؟!
لماذا يستهدف الاحتلال سقطرى والمهرة بحملة من التمزيق والتجريف للهوية؟! فلم يتواجد أنصار الله «الانقلابيون» بأي شكل في تلك المناطق، كما يُبرر المحتل. ألا يثير هذا السؤال المواطنين في تلك المحافظات بعيداً عن تأويلات المسوخ السياسية والأدوات الخارجية والإعلام التابع لهُ؟! لماذا صمت الشارع العام في المحافظات الجنوبية المحتلة على عمليات القتل والنهب والتعدي على أهلهم من المحافظات الشمالية؟! فلم يكن مقتل رجل الأعمال خالد شارب قبل العدوان الأول ولا مقتل السنباني مؤخراً يليق بأحد. والمعيب حالة التغافل حتى عن الاستنكار في حالة صمت مخزية. أين الذين يصنفون أنفسهم كنُخب دينية وثقافية وإعلامية وسياسية وطنية؟! ولماذا التردد حتى في إصدار إدانة ورفض لهكذا ممارسات؟! وإلى متى؟!

أترك تعليقاً

التعليقات