شرف حجر

شرف حجر / لا ميديا -
أسئلة تضجُّ في داخلي بصمت حتى شهدت قبل أيام رحيل المناضل الصادق الوطني الحر الشريف رجل الموقف وأكاديمي المبادئ الدكتور عباس الزريقي (رحمه الله)، ثوري يساري العدالة، قومي القضية، محوري المقاومة، فلسطيني البوصلة والقضية.
كان حتى في أوج معاناته الصحية وتعبه الرجل الذي لا يتبرم ولا يسخط، يتبادل أطراف الحديث عن الثورة وبناء الدولة العادلة يتكلم عن فلسطين وحزب الله وحركه الجهاد الإسلامي، يحلل بعمق استراتيجي عن خبرة نضالية لعشرات السنين متعالياً على كل شيء سلبي ومؤلم هنا وهناك.
كان غالباً ما يتمنى ان يرى في حياته أن تحقق ثورة الـ21 من أيلول في اليمن التغيير الحقيقي، كان مجلسه في محافظة تعز والذي منه انطلق من تجرأ على أن يتهم بموالاته لـ"الحوثيين" في وقت مبكر عام 2011، وقبل ذاك ملتقى فكريا ومنتدى سياسيا متبنياً للحراك الثوري ومؤيداً للمستقبل القادم من الشمال مبصراً بعمق خبرته المتراكمة في أنصار الله وسيد الثورة المستقبل الذي سيقلب معادلة العقود الماضيه في استلاب القرار وهدر البلاد والعبث بمقدراتها ومحاصصة الإقطاع القبلي والسياسي والمالي والتبعية للخارج ومحسوبيات الداخل.
لم يكن مزايداً ولا مبتزاً ولا متسلقاً فلم يجن المكاسب ولم يتذبذب ولم ولم...، وعندما تدهورت حالته الصحية في عقده السابع، لم تلتفت إليه الثورة ولم يستقبله مستشفى حكومي ولم تزره رزانة من تتلمذوا في مقامه في بداياتهم على يديه وأصبحوا اليوم مسؤولين و.. و.. و.. عدا أوفياء أقل من عدد أصابع اليد رعاهم الله وكتب أجورهم وجزاهم الخير والسلامة على ما بذلوه وقدموه.
السؤال: هل سيتحقق التغيير الثوري لثورة الـ21 من أيلول؟ ومتى؟ وكيف سيكون؟ هل سيُقدر لطموحات وأحلام الشرفاء والبسطاء الخلاص من محاصصة هوامير الإقطاع؟!
هل سيكتب لليمنيين رؤية التغيير الذي ينتشلهم من غياهب المعاناة ويعرفون الاستقرار والاكتفاء من هموم الحياة ومكابدة توفير لقمة العيش والعيش مستقبلاً لا يخافون فيه مرضاً لا يستقبله مستشفى حكومي، ومدرسة لا تعليم فيها، ومأساة مدرس بدون مرتب، وقاتل لا تطاله يد العدالة التي تماطل وتسوف وتتوسط للمجرم وترهق أهالي الضحايا بمراحل الإجراءات التي تضيع الحقوق وتحمي المخطئين؟ هل سيصحو ضمير القائمين بعد ثمان عجاف؟ إلى متى سيظل الشرفاء والصادقون تعساء مغيبين؟ لماذا لا يتم الالتفات إلا للمساومين وفقاعات الظواهر الصوتية؟ إلى متى يستمر التبرير لاستمرار تدحرج كره الثلج؟ إن المرحلة تتطلب مهادنة السفهاء والكيل بمكيالين.
الظروف بكل تفاصيلها مهيأة لتحقيق التغيير والمضي إلى الأمام بدون توقف وإنجاز كل ما هو مطلوب، فقد مكن الله لهذه الثورة اجتثاث طواغيت عقود ماضية ممن كانوا يُنظر إلى أن اقتلاعهم من سابع المستحيلات، بسبب ما راكموه من قوة وثروة وعمالة للخارج ودول الجوار وما لديهم من إمكانيات، لكن الله أذن بزوالهم.
الآن ومنذ أكثر من سبعة أعوام كل مقومات التغيير متوفرة، ثورة وقائد ومشروع وشعب وفرصة لن تتكرر، جيش ولجان شعبية تحقق بفضل الله على أيديهم ما لا يصدقهُ عقل ولا منطق، صمود أسطوري، تضحيات تقشعر لها الأبدان، ولكن في المقابل فشل حكومي ذريع، وحالة من الكساح مخيفة، ولامبالاة قاتلة، تعثر وفساد وإهدار إداري ومالي في كل النواحي تجاه توظيف وتسيير ما هو ممكن ومتوفر.
مفهوم ولا خلاف أن العدوان السبب في هذه الكارثة ونهب الثروة الوطنية وانقطاع المرتبات تمام.. لكن ما هو العذر لفشل قطاعي الصحة والتربية وغياب تفعيل القطاعات الخدمية المتوفرة للتخفيف من معاناة المواطن؟ ما هو الحاصل لعدم تنفيذ النقاط الـ12 التي وجه بها السيد القائد منذ عدة أعوام؟ سيقولون شكلنا لجانا وعقدنا ورشات، أيوه.. إيش الجديد؟ ماذا أنجز؟ وما هي النتائج؟ أين إصلاح القضاء؟ أين ضبط الأسعار؟ أين... أين... أين... صور تلتقط في يوم النظافة، كل المسؤولين يتلقطون الصور في المراكز الصيفية بغرض الاستعراض والأحرى بهم التصور بجوار حالات المرضى الذين يفارقون الحياة في ممرات وعلى ردهات المستشفيات الحكومية كل لحظة وساعة ويوم.
التأجيل وترحيل الإصلاحات وإحداث التغيير المنتظر كارثة، وأمانة سيحاسب عليها كل صاحب مسؤولية إن لم يكن اليوم في الدنيا فستكون حين الوقوف بين يدي الله، حيث لن يكون لديكم حينها إعلام ولا ذباب إلكتروني ولا يمكنكم البهررة والتضليل وقلب الحقائق وقهر شعبكم وخذلان الثورة والسيد القائد (يحفظه الله).

أترك تعليقاً

التعليقات