طفولة مهدورة
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

يحدث أن تكون في الصف الأول ابتدائي وأنت تعرف من هي التي ستكون زوجتك بمجرد حصولك على الشهادة الإعدادية، وتكون في السابعة وأنت تفكر في الزواج لأن أباك يخبرك أن تلك الفتاة زوجتك، وقد اتفق مع أبيها حول ذلك. 
حماران التقيا في جلسة مقيل، يحملان في جيوبهما بطائق شخصية وجوازات سفر وبطائق بنكية، محسوبين علينا أوادم في كشوفات التعداد السكاني. 
الحمار الأول اصطحب ولده الصغير معه وأجلسه في المقيل بجانبه. وأثناء ذلك المقيل دخلت طفلة عمرها ست سنوات، هي ابنة الحمار الثاني صاحب البيت. رآها أبو الولد وقال ما شاء الله تبارك الله.. أيش اسمش يا قمر؟ قالت: اسمي قمر.. ليش تسأل وأنت عارف؟ قال: ما شاء الله البنت هذه ذكية.
التفت إلى طفله الجالس بجواره وقال له: ما رأيك يا ابني نزوجك بهذه البنت؟
البنت هربت من المجلس خجلاً وعادت إلى أمها مرعوبة مما سمعت.
فتحدث أبو الولد: 
يا قاسم، البنت هذه أشتيها للولد حقي، وهذا أنا أحجزها من الآن.
قال له أبو البنت: ما نزيد على السمن إلا عسل، وانتوا نعم النسب.. خلاص اعتبرها حق الولد، هيا نقرأ الفاتحة  لحياة وإلا لموت.. ولا الضاااالين، آمين. ألف مبروك للجميع.. والله يقدِّم ما فيه الخير.
التفت إلى ابنه ذي الستة أعوام وقال له: مبروك يا ابني.. لكن لو قدَّر الله عليا شي أنا قد خطبت لك وقدك داري من هي مرتك، وأموت وأنا مطمن عليك. 
دخل أبو البنت وقال لزوجته: عقدنا بقمر لابن إبراهيم صاحبي. إذا مت أو حصل لي شيء لا تزوجوا البنت لحد ثاني، لأني قرأت الفاتحة مع أبوها. 
وفي الصف الثاني الابتدائي يبدأ التفكير بالزواج، وتبدأ الطفلة تخاف من هذا الولد كلما صادفته في طريقها، وتبدأ الكوابيس والعُقد والتفكير السطحي بعقلية طفل في السادسة.
ويقولوا ليش إحنا معقدين ومكبوتين وإرهابيين، ومابش فينا عاطفة ولا معانا عقول؟!

أترك تعليقاً

التعليقات