مجرد أقنعة لا أكثـر
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

لا أطيق الكتَّاب الذين يكتبون برزانة وثقالة تجعلك تتخيلهم في وضع تأملي وهم «يلعصون» القلم بين أسنانهم من كثرة التفكير.
هؤلاء الكتاب الجادون يثيرون اشمئزازي! تشعر أنهم لا يبتسمون حتى وإن سمعوا ألف نكتة.
حياتهم مرتبة ويمشون عليها بالمسطرة، وخزانة ملابسهم مرتبة بشكل مبالغ فيه، ومكتباتهم ليس فيها غلطة واحدة.
حتى حين يشربون الماء يشربونه ببطء شديد، ليوحوا إليك أنهم أنيقون ويعرفون الإتيكيت! يا له من عناء! كيف يتحملون كل هذا؟!
يتحدثون بصوت منخفض وكأنهم يخشون نفاد البطارية، فتشعر أنك بحاجة لسماعة أذن. ويضحكون بقهقهة لينة كما لو أنهم يضحكون بالفصحى! 
أعرف واحدا من هؤلاء منذ عشر سنوات لم أسمعه يعطس أو يسعل أو يضحك. 
الثياب المكوية كما لو أنها خرجت من المصنع لا تروقني. والوجوه التي ليس فيها خدش واحد من أثر عراك أو موس حلاقة، أو حتى حب الشباب أتعامل معها بحذر على أنها وجوه غير مستعملة.
الكتاب الذين تكون كتاباتهم مؤدبة جدا، وجادة جدا، هؤلاء كتاب مزيفون لا يستحقون الالتفات. يصنعون عالما محترما ونظيفا في كتاباتهم ليشعروك بأنهم ملائكة وبعيدون من القذارات الدنيوية، وأن آباءهم وأمهاتم ربوهم صح، علشان تحس نفسك أنك بلا تربية مقارنة بهم!
حتى بعض الذين يكتبون سيرهم الذاتية، يحسسك وكأنه هضم العالم وقدم لك الخلاصة في كتاب هزيل مثله، ويستعطفون القارئ ويتحدثون عن الفقر وغرفة الصفيح التي ولدوا ونشؤوا فيها، وأن أباه كان يبيع آيسكريم في باب المدرسة، وأمه كانت شغالة عند الإقطاعي الوحيد في القرية... يتحدث عن المعاناة والفقر الذي كان فيه ليوصل لك رسالة أنه أصبح غنيا لأنه كان يتمتع بذكاء خارق وأنه أصبح ذا نفوذ ومال.
أكره الكاتب الذي يحرص على ارتداء الكرافتة كحرصه على ارتداء الملابس الداخلية، ولا يخلعها إلا عند النوم.
الذي يتعامل مع زوجته بجدية، ومع أولاده بحزم، ويضع خطوطا في تعامله معهم، ويريد أن يحترموه كما يحترمه جمهوره، ليس سوى كاتب حقير لا يساوي ثمن الكرافتة اللعينة.
الحياة بسيطة. وهؤلاء يعقدونها أكثر بتفاهاتهم التي يكتبونها.
ابتعدوا عنهم لتحبوا الحياة أكثر!

أترك تعليقاً

التعليقات