عن البردوني
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

تكاد تكون فكرة المخلِّص موجودة في جميع الأديان والمذاهب والثقافات.. وقد يختلف البعض على إمكانية وجود هذه الفكرة أو غيابها.. لكن الكل يتفق على أنها ممكنة الحدوث، ويظل هاجس الانتظار ملازماً لدى من يقول بوجود المخلص، إن لم يكن مسكوناً به، ونسياً منسياً لدى من يقول بإمكانية وجوده في حينه.
هذه الشخصية قد أضافت إليها الأساطير ما يجعلها كذلك، لتجسدها في الأوساط المستضعفة والحالمة بغد أفضل، وظاهرة انوجاد هذه الشخصية واضحة جداً في الأدب العربي منذ القرن الثالث الهجري وحتى اليوم.
منذ أن كتب البردوني قصيدة «مصطفى» في 1986م، ذهب النقاد في تأويلها كل مذهب. منهم من ذهب إلى أن البردوني يتحدث فيها عن نفسه، في حين أن القلة من هؤلاء النقاد قالوا إن البردوني يقصد بها أحد الزعماء- رجماً بالغيب- رغم أن كل هذه التأويلات متناقضة مع الإشارات الصريحة التي حفلت بها القصيدة.
فكرة المخلص موجودة في جميع الأديان والثقافات والمذاهب، وإذا ما بحثنا عنه سنجد أن لكل مذهب مخلصاً معيناً، فمذهب يقول إن المخلص سيأتي في آخر الزمان، ومذهب ثانٍ يقول بوجوده وولادته في سنة 255 هجرية، وفرقة تقول باختفائه في جبل رضوى، وأخرى تقول بمجيئه من عامة الناس بعيداً عن انحداره من نسل معين.
فأي مخلص من هؤلاء كان يقصده البردوني؟
بدأ البردوني بوضع بذور هذه الفكرة ابتداء من ديوانه «مدينة الغد»، الذي جاءت تسميته محاكاة للمدينة الفاضلة، وما جعل البردوني يتوسع في رسم ملامح المدينة الفاضلة هو الحلم الذي كان مسكوناً به، ابتداءً بالفجر المنشود في ديوانه الثاني «في طريق الفجر»، وهو فجر الثورة اليمنية الذي هتف به البردوني فتحقق له يوم أن «أفاق على فجر يوم صبي»، لكن هذه الثورة لم تكن بمستوى طموحاته، فبدأ البردوني ينتقل من الخاص إلى العام، إنه الحلم بالمدينة الفاضلة التي برزت ملامحها جلية في قصيدة «مدينة الغد»، ولن يتحقق وجود مثل هذه المدينة إلا في عصر ظهور المخلِّص.
لم تكن فكرة المخلص عند البردوني مجرد فكرة للكتابة فقط، بل كان المخلص معروفاً عند البردوني كشخص محدد يقصده هو لا سواه، وإلا فما جدوى هذه الفكرة التي انتشرت ملء قصائده؟

أترك تعليقاً

التعليقات