العميقون
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
كانوا مثقفين بسيطين، ويكتبون في الصحف الصفراء، فجاءت لهم فرص في السفر إلى كندا وألمانيا وبعض دول الغرب، وحين وصلوا تحولوا إلى مفكرين ومنظّرين عميقين إلى حد نسف كل الثوابت والمسلَّمات، ولم تعد تعجبهم أي آية ولا أي سورة، لأنهم يقرؤونها ويفهمونها حسب عقولهم الضيقة.. ويناهضون ارتداء الحجاب ويدعون إلى التحرر من الموروث الماضوي، ولا يروق لهم أي شخص يرتدي الثوب والمعوز، ولا عاجبهم القات لأنه في نظرهم أسلوب غير حضاري، لكن يسكروا ويحششوا عادي جداً.
ما هكذا تورد الإبل يا هؤلاء.. دعونا نعش حياتنا كما نريد بعيداً عن الدين وعن ترهاتكم.. فمسألة الدين والإيمان بالله هي مسألة خاصة بين العبد وربه، فلا تحشروا أنوفكم في كل ثقب تجدونه، وإن شئتم أن تدعوا إلى الإلحاد فادعوا بأسلوب أقل فجاجة مما تقومون به الآن، الله يلعن أبو الفجاجة والغثيان. لأن نظرية (الطبيعة هي التي خلقت كل شيء) قديمة ولم يعد أحد يرددها في الغرب، والإلحاد ليس سهلاً كما تتصورون، لأنه يحتاج إلى عقول، وإلى قراءة آلاف الكتب والنظريات، وليس إلى عقول سطحية كعقولكم، لذلك عاد أكثر الملحدين إلى الله حين وصل إلى طريق مسدود يتحولون إلى فلاسفة ومفكرين، ويكتبون منشورات ينكرون فيها وجود الحور العين.. طيب يا عميقين، ليس ضرورياً وجود الحور العين، فنحن نعبد الله لأجله هو، لأنه يستحق العبادة، وليس طمعاً في الجنة أو خوفاً من النار، لأن هذه عبادة التجار وعبادة العبيد، كما قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
حتى الجنة يحاولون إنكارها، والبعث أيضاً.. كن إنسانا في هذه الحياة وكفى، وبعد أن تموت لا يعنيني أين ستذهب ولا ما هو مصيرك.
هذه الثوابت ليس بإمكانك نفيها من الكتب والسير والتاريخ والقرآن، ومن قلوب العامة الذين يؤمنون بالفطرة بأن الله موجود ويعيش معهم وبداخل قلوبهم ويحرس أغنامهم ومزارعهم، ويهمسون له قبل أن يناموا ببعض الأدعية والشكر والامتنان، ويدعونه بأن يستيقظوا وأن يجعل يومهم جميلا، وأن يسقي زرعهم ويحمي ثمرتهم ويجعل محصولهم وفيراً، ويملأ ضروع أبقارهم باللبن.
صعب جداً أن تسرقوا الله من هذه القلوب البسيطة.

أترك تعليقاً

التعليقات