عملية الردع
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

"10 طائرات مسيرة تستهدف مصفاة وحقل الشيبة النفطيين التابعَيْن لشركة أرامكو". كان هذا العنوان مضيئاً ومبتهجاً في "جوجل" وأنا أتصفَّح الأخبار بشأن قصف هذه المصفاة النفطية.
عملية كبيرة ومدروسة بعناية. 10 طائرات دفعة واحدة. يا له من خبر يوجب الاحتفال ويبعث على البهجة!!
صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية نشرت خبراً عنونته بـ: "أضرار طفيفة في الاعتداء الحوثي على حقل الشيبة السعودي". فلتكن طفيفة، ما دامت الصحيفة استهلت خبرها هكذا: "استهدفت المليشيات الحوثية حقل الشيبة النفطي السعودي بهجمات بطائرات درون..".
"استهدفت المليشيات الحوثية حقل الشيبة النفطي السعودي". هذا الاستهلال الخبري يوحي بهزيمة وانكسار السعودية أمام هذه "المليشيات" التي تقذف بالطائرات والصواريخ في العمق السعودي. فطالما أوهمت السعودية العالم أنها محصَّنة بباتريوتاتها وصواريخها وأسلحتها ومرتزقتها وأموالها، وأن حدودها كحدود جهنم، لا يستطيع أحد الاقتراب منها، لكنها لم تكن في الحقيقة أكثر من نمر كرتوني.
هل تتذكر السعودية استخفافها بهذه "المليشيات" والتصغير من شأنها! وهل تتذكر انتفاخها الكاذب في مؤتمراتها الصحفية التي كان يتصدَّرها أحمد عسيري، الناطق باسم العدوان على اليمن، وهو يتحدث عن قوة السعودية واستحالة اختراق حدودها، لأن اليمن لم يعد لديه أي سلاح يستطيع الرد من خلاله على المملكة التي أصبحت في مأمن بعد تدمير 80 % من السلاح اليمني حسب قول عسيري؟!
أما اختراق الحدود فقد تم، منذ زمن، بأقدام حافية وبنادق كلاشينكوف، حين كانت الحدود السعودية محاطة بالدبابات والمدافع الخرافية.
لم يخطر ببال السعودية أنها ستُقصف من قبل أي دولة، ولم يخطر ببالها أن كل هذا الويل سيأتيها من اليمن، التي تتعامل معها بكل بجاحة وكل حقد، لاعتقادها أنها تستطيع ابتلاعها، مع أن السعودية تبدو أمام اليمن كدودة غبيَّة تريد ابتلاع تفاحة دفعة واحدة.
حقل الشيبة هو حقل نفطي حدودي بين السعودية والإمارات، وهو محل نزاع بين الدولتين منذ عشرات السنين، بعد أن سطت عليه السعودية، ويبعد عن الحدود الجنوبية لإمارة أبوظبي 10 كيلومترات فقط. ويبدو أن اليمنيين هم الذين سيحسمون هذا النزاع، فربما كانت هذه الطائرات الـ10 بمثابة إنذار للإمارات، لو كانوا يعقلون.
خدمتنا السعودية كثيراً حين قصفت مخازن أسلحتنا، لأنها جعلتنا نصنع أسلحتنا بأيدينا، وجعلتنا قادرين ومقتدرين على إيصال هذه الأسلحة إلى حيث لا تحتسب.

أترك تعليقاً

التعليقات