جرائم شرعية
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
خلال هذا العام، الذي تبقت أيام معدودات منه، سمعنا وقرأنا عن حالات كثيرة تتضمن الانتهاك الجسدي، والتحرش، والطمع في الزوجة التي جاء بها زوجها للرُّقْية الشرعية، وإقناع زوجها بتطليقها حسب أوامر الجن، فيقوم هذا الراقي الشرعي بالزواج منها بعد أن خدع زوجها وأقنعه بأن الجني لن يخرج إلا بالطلاق ليتزوجها هو، دون أن تهتز له شعرة بأنه يهدم أسرة كاملة لمجرد أن المرأة أعجبته ويريد أن يتزوجها!
وهناك حالات تذهب للرُّقية الشرعية أو للمشعوذين وينتهي بها الحال معاقة أو مقتولة، كما حدث مع الشاب الذي قام المشعوذ بخنقه في منطقة «صرف»، بذريعة إخراج الجني منه، فأعادوه إلى أمه جثة هامدة؛ وكما حدث مع نساء كثيرات كتبن عن تحرشات المشعوذين وقلة أدبهم...
أما أكثر الحالات ألماً ووجعاً فهي الطفلة رهف جميل عبادي، ذات العشرة أعوام، التي قامت جدتها وخالاتها وخالها، في محافظة الحديدة، بربطها بالسلاسل وضربها وتعذيبها حتى الموت؛ لأن المشعوذة قالت لهم إن «رهف» ساحرة، ولا بد أن تتوب. فقام أقرب الناس، الذين يفترض أن يكونوا مصدر الأمان لها، بقتلها، بناء على كلام مشعوذة، ولم يفكر أحد منهم بحياة الطفلة، أو ينهاهم أحد عن هذا الفعل الشنيع، وكأنهم نسوا أنها ابنتهم، وأنها طفلة، وأنها إنسانة، فتعاملوا معها بكل تلك الوحشية، وقاموا بتعذيبها أمام أخيها الأصغر، الذي فقد إحدى عينيه بسبب الضرب واللكمات التي ناله نصيب منها!
مثل هذه الأسر تؤمن بالشعوذة؛ لأنها مسكونة بهذه الخرافات، وصارت هذه الخرافات ثقافة ويقيناً عند مثل هذه العائلات.
لكن، كما يقول المثل: «إذا المتكلم مجنون فالمستمع بعقله». وإذا كان الكل مجانين فالمفروض أن يحضر عقل الدولة ليوقف هذا الجنون.
لماذا لا تقوم الدولة بتوعية الناس وإيقاف هذا العبث بأرواح الناس، وأفكارهم، وقيمهم الاجتماعية والإنسانية؟!
لماذا لا يتم إغلاق هذه المحلات والمراكز التي تعبث بالكبار والصغار، وتزرع في عقولهم هذه الثقافة التي تجعل الإنسان يعيش مرتاباً وغير مطمئن طوال عمره؟!
الجن لم يقتلوا أحداً من البشر، ولا يتحكمون في سلوكيات أحد، ولا يستطيع المشعوذ إخراج الجن من أي شخص لمجرد أنه يقوم بخنقه وضربه.
فما الذي يجعل هؤلاء المشعوذين يتصرفون كأنهم يمتلكون خاتم سليمان وعفاريته؟!

أترك تعليقاً

التعليقات