حجُّوا فـي دياركم..
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

كثيرون كانوا يذهبون كلَّ عام لأداء فريضة الحج، مع أنهم لم يعودوا مُلزمين بعد أدائها لمرة واحدة.. ومن هؤلاء من يتحمَّل مشاق السفر ونفقاته التي أصبحت باهظة، رغم أن بإمكانه أن يتقرَّب إلى الله بأعمال أخرى تفوق الحج في عظمتها، وفي أجرها أيضاً.
ها هو الصحن المكي فارغٌ، على غير عادته، بسبب فيروس كورونا، ولن يكون هناك موسم عمرة لهذا العام، ولا معتمرون يذهبون لأداء العمرة الرمضانية ويواظبون عليها كل عام، ولا يعودون إلا بعد انقضاء رمضان.
هناك من يذهب للحج، كل عام، وبجانبه جيران أيتام وأرامل وأسر شهداء ونازحون، أقفلوا أبوابهم على فقرهم وجوعهم، ويطلُّ عليهم يوم العيد كما تطلُّ الكارثة، ليكشفهم بعد عام كامل من السِّتر.. فلو أن هذا الذي يحجُّ كلَّ عام قام بشراء 4 دجاجات وقدَّمها لجاره الفقير، وقام بكسوة طفلين أو«3 ولن يكلِّفه ذلك شيئاً يُذكر أمام مصاريف الحج» لكان أقرب إلى الله، لأن هذا العمل هو أفضل من الحج في ميزان الله.
هل سيكتب الله لك أجر الحج وبجانبك جيران جياع! رغم معرفتك بالحديث الذي يقول: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن.. قالوا من يا رسول الله؟ قال: من بات شبعاناً وجاره جائع؟.
ليس الله بحاجة إلى طوافك حول الكعبة ووقوفك في جبل عرفة، وأنت قادم إليه بكرش منتفخ، وجارك لا يمتلك ما يستر به عُري أطفاله.. وليس الله بحاجة إلى قدومك إليه وأنت ترى طفلاً حافياً وجائعاً يبيع المناديل في الجولة.. وليس الله بحاجة إلى أن ترفع يديك تضرُّعاً، وأنت لم تخفض هاتين اليدين لتضعهما في يد فقير.
أسر شهداء، وأيتام، وجرحى، وموظفون فقدوا مرتباتهم، وفقدوا بيوتهم بقصف العدوان، ونازحون يملؤون الوديان والشعاب، يعيشون في الخيام.. فبدلاً من الذهاب إلى مكة للبحث عن الثواب والمغفرة، بإمكانكم أن تحجُّوا هنا في دياركم.. ففي كل حارة من المتسوِّلين والفقراء ما يجعلكم تفوزون برضا من الله لن تنالوه حتى لو حججتم الدهر.

أترك تعليقاً

التعليقات