الأغنام المستوردة
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
تنظر شعوب العالم لزراعة القمح كضرورة مرتبطة بالأمن القومي للشعوب والدول، والحكومات التي تحترم نفسها وتعمل لمصلحة الشعب لا يمكن لها المساومة في زراعة القمح.
والمشكلة أن العدو الأول للأمة العربية والإسلامية كان يدرك هذه الحقيقة، وقد فرض خطوطا حمراء على الحكام العرب الخونة، وجعل زراعة القمح والغذاء من المحرمات.
ومن المفارقات العجيبة أن اليمن كانت في عهد الإمامين يحيى وأحمد من الدول الكبيرة في زراعة وتصدير القمح والحبوب، وكانت تصدر القمح إلى روسيا التي أصبحت الآن الأولى عالمياً في زراعة القمح. 
لكن الرئيس المصري جمال عبدالناصر، الذي تستورد بلاده 90% من القمح من روسيا وأوكرانيا بالرغم من امتلاك مصر موارد مائية ضخمة متمثلة بنهر النيل وأراض زراعية خصبة جاء ذكرها في القرآن حينما استفاد منها سيدنا يوسف (عليه السلام) بزراعتها لمواجهة سبع سنوات من القحط التي أصابت مصر وكل المنطقة في عهده، لم يعجب ناصر ذلك وذهب إلى إشعال الثورة والحرب في اليمن، التي لم تكن تعتمد في ذلك الوقت على الخارج في شيء سوى السليط (الجاز) الذي كانت تقايض به مقابل القمح.
وبعد قيام الثورة المستوردة من مصر تم القضاء على زراعة القمح والحبوب وكل شيء في اليمن، حتى أصبحنا نستورد الثوم والفلفل من الصين، ببركات ثورة عبدالناصر والزعماء العملاء للغرب.
ومن أعظم إنجازات هؤلاء الخونة قيام حكومة الجمهورية اليمنية ما بعد الثورة باستيراد القمح من الخارج ودعم القمح المستورد حتى يصبح سعر كيس القمح في الحضيض، وفرض ضرائب على المزارع اليمني للقضاء على الزراعة في اليمن!!
ولم يقتصر الأمر على القمح، بل ذهب هؤلاء الخونة إلى فتح باب الاستيراد للخضار والفواكه وكل ما كان يزرع في اليمن، حتى أن أمريكا في ذلك الوقت كانت تدعم تلك المواد لتصل إلى الدول العربية واليمن بأقل الأسعار.
وأتذكر في بداية الثمانينيات كان التفاح الأمريكي رخيصاً جداً في اليمن، إذ كانت تباع التفاحة الواحدة بأقل من ربع ريال.
وكذلك الثروة الحيوانية لم يكن يوجد بيت في اليمن إلا ويمتلك قطيعا كاملا من الغنم والبقر والدجاج، حتى بدأت الحكومة في استيراد الأغنام من الصومال والحبشة. في ذلك الوقت اشترى أبي أحد تلك الأغنام المستوردة للعيد بمبلغ 15 ريالا يمنيا، وقال قولته المشهورة: «يا بلاشاه! نساؤنا قد هن حارقات من الشمس في رعاية الأغنام بينما يمكن شراء هذه الأغنام من الخارج بـ15 ريالا». بعدها بأيام تم بيع كل ما نملك من غنم وخراف، وكان عددها يزيد عن أربعين رأسا، وتم إعفاء عمتي (أخت أبي) من رعي الأغنام، وحينها كانت تبكي بحرقة على فراق تلك الأغنام التي كان لكل واحدة منها اسم وذكريات جميلة.
وهكذا تمكن هؤلاء الخونة من كسب رضا أمريكا والغرب والحصول على مساعدات مالية تذهب إلى جيوبهم، وأصبحنا شعبا متسولا يعتمد على الخارج في كل شيء، وينتظر بقلق تأثيرات العقوبات الأمريكية على روسيا التي نشتري منها القمح بعد أن كنا نبيعه لها. والمشكلة يطلع لك واحد مستورد جاء إلى اليمن كما جاءت تلك الأغنام الحبشية ليقول: «سلام الله على عفاش»!!

أترك تعليقاً

التعليقات