مرحلة جديدة من الصراع
 

محمود المغربي

 محمود المغربي / لا ميديا -
تُعد عملية «طوفان الأقصى» هي الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني من حيث المبادرة والاستهداف المباشر لعمق العدو وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوفه، والأنجح من حيث التخطيط والتنفيذ والإتقان والجرأة، وربما تكون هي الأكثر رعباً وصدمة وتأثيراً على الكيان، وقد يمتد تأثيرها لعقود ولن يتعافى منها الكيان بسهولة، وقد يترتب عليها نتائج غير معهودة، بغض النظر عما إذا كانت سلبية أو إيجابية.
هذه العملية تعد هي الأولى التي يتم فيها مباغتة العدو، وتوجيه ضربة عنيفة له دون أن يكون على علم بها أو مستعداً لها، وهذا ما أربكه وهز كيانه وأفشل قدرته على الرد أو استعادة المبادرة في حينه، ولا يعلم أين سيضع القدم التالية، وماذا سيواجهن ومن أين ستأتي الضربة القادمة، بعد خسارة أهم ما كان يمتلك ويتميز به!
على العكس من ذلك فقد استطاعت المقاومة الفلسطينية اختراق العدو وتضليله والتحرك بحرية رغم محدودية المساحة والإمكانات والقدرات مقارنة بما لدى العدو الصهيوني، خصوصاً في مجال الرصد والعمل الاستخباراتي؛ ولكنه ظهر مصعوقاً ومذهولاً مما حدث ومما تمتلك المقاومة الفلسطينية من أسلحة ومعدات، وكيف تطورت عقلية المقاوم الفلسطيني، وكيف أصبح بهذه الجرأة والقوة!
هذا يجعل من عملية «طوفان الأقصى» شيئاً غير عادي، بل وتطوراً هائلاً وغير مسبوق ومن شأنه أن يغير طبيعة الصراع ونتائجه ويجعل دول المنطقة والإقليم تعيد النظر في كافة التحالفات وتفرغ الإنجازات السابقة للعدو الصهيوني من محتواها، ويجعل عمليات التطبيع السابقة بلا جدوى أو ثمار، بعد أن كان العدو قد أصيب بالغرور، وظن العدو والصديق أن المعركة محسومة، وأن حدوث شيء كهذا الذي حدث بالأمس غير وارد ولا ممكن!
لقد اعتقد العدو الصهيوني أن القضية الفلسطينية قد تمت تصفيتها، وظهر بمظهر المنتصر، بل وذهب يعربد ويهدد دول المنطقة والإقليم، حتى بات الجميع يعتقد أن الكيان الصهيوني قوة لا تقهر، مما دفع بالكثير من الأنظمة العربية إلى فتح أبواب مدنهم وقصورهم أمام الصهاينة، واتجه الكثير من تلك الأنظمة نحو «تل أبيب» لتأدية فروض الولاء والطاعة؛ إلا أن ما قام به المجاهدون الفلسطينيون من أبناء غزة المحاصرة من قبل العدو والصديق قد أربك المشهد وأدخل الصراع مع العدو الصهيوني في حقبة زمنية جديدة مختلفة عن حقبة الهزائم والنكبات والخيانات والقهر الذي عشناه عقوداً من الزمن.

أترك تعليقاً

التعليقات