محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
لقد شكل النجاح الصيني في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية إيران الإسلامية والمملكة السعودية فشلا ذريعا وخطيرا للدبلوماسية الأمريكية، واختراقا للأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والبريطانية و»الإسرائيلية»، وجعل الهيمنة والوصاية الأمريكية في المنطقة تترنح.
وبلا شك، إن أي تقارب عربي – عربي، أو إسلامي - إسلامي، مهما كان صغيرا، هو أمر جيد ومرحب به، كونه يُفشل جهود وخطط أعداء الأمة، الرامية إلى ضرب الأمة بعضها ببعض، عبر زراعة الأحقاد والخلافات المذهبية والطائفية المصطنعة. كما أن الصين بهذا الاتفاق استطاعت إحراق أهم ورقة لدى أمريكا والعدو الصهيوني لضرب أمة الإسلام بخلافات مذهبية وطائفية.
ومع ضرورة الحرص على عدم الإفراط في التفاؤل؛ كون الأمر مرهوناً بصدق النظام السعودي ورغبته ببدء صفحة جديدة وعدم وجود نوايا سيئة له مبطنة خلف هذا الاتفاق؛ إلا أننا نستطيع القول بأن الصين بهذه الخطوة استطاعت الدخول إلى قلب وعمق المصالح الاستراتيجية الأمريكية، وبدأت في فرض هيمنة سياسية في المنطقة، بعد عقدين من فرض هيمنتها الاقتصادية، ودخول المنطقة العربية التي كانت مقفلة وخاضعة للهيمنة والوصاية الأمريكية.
والسؤال الأهم والذي قد يطيح بالهيمنة الأمريكية وبالضربة القاضية ويخمد النار التي تحرص أمريكا على بقائها مشتعلة وتوسيع الفجوة ودائرة الصراع والاختلاف بين الدول العربية والإسلامية، يتمثل في: هل هناك مساعٍ صينية لوقف العدوان والحصار على اليمن، على غرار ما قامت به من دور في المصالحة الإيرانية – السعودية؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الجهود الصينية في تحقيق هذه المصالحة لم تكن جديدة، ولم تثمر إلا بعد جهود سرية بدأت قبل عامين، حتى لا تتدخل الأيادي الأمريكية لإفشال هذا الاتفاق.
وهل نستطيع القول بأن هناك علاقة بين استمرار الهدنة في اليمن وعدم عودة المواجهات العسكرية ووجود جهود صينية من هذا النوع لتحقيق السلام في اليمن، خصوصاً أن البعبع والذريعة السعودية في العدوان على اليمن قد انتهت بهذا الاتفاق الإيراني - السعودي؟!
مع أن العدوان السعودي على اليمن لا يتعلق بإيران، فهو موجود من قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران ومرتبط برغبة النظام السعودي في الهيمنة على اليمن، ومن الصعب أن يتخلى عن ذلك؛ إلا أن هناك ما يجبر النظام السعودي على التخلي عن تلك الرغبة، ويجعل ابن سلمان يمتلك الجرأة للخروج على الهيمنة والوصاية الأمريكية والرغبة السعودية، وربما يذهب إلى العاصمة الصينية بكين ليعلن إنهاء أمر بدأ في واشنطن (العدوان)، ويعلن وقف بلاده مسلسل قتل وتدمير اليمن، وإنهاء ثماني سنوات، وعقود من الوصاية والهيمنة السعودية على اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات