إن عدتم عدنا
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
قد لا يكون التقارب والتوجه السعودي نحو إيران خروجاً على الرغبة الأمريكية، وقد يكون ذلك التقارب المبالغ فيه استباقاً سعودياً لحجز مقعد لدى طهران قبل الإعلان عن تسوية سياسية مرتقبة للصراع الأمريكي مع إيران وعودة أمريكية للاتفاق النووي الإيراني أو حتى تجميد وترحيل الصراع في المنطقة، بعد أن أدرك الأمريكيون أن خسارة أمريكا للمعركة والهيمنة في المنطقة أصبح وشيكاً ولا مجال لتدارك الأمر باتباع ونهج السياسة القديمة لأمريكا في المنطقة والقائمة على القوة والتهديد والترهيب والهيمنة.
وبغض النظر عن النوايا والدوافع الكامنة وراء الانفتاح السعودي على إيران، وإذا كان الأمر بضوء أخضر أمريكي لغرض في نفس يعقوب، أو أن الأمور خارج الرغبة الأمريكية، إلا أن الانفتاح السعودي على إيران وروسيا والصين، وكسر التقوقع السعودي خلف الرغبة والتوجيهات والمصالح الأمريكية، أمر مرحّب به، وسوف يكون له أثر إيجابي على التقارب العربي العربي وعلى المحيط الإسلامي، ويخفض حجم الصراع والتوتر في المنطقة، ويقلص النفوذ الأمريكي والتكلفة الباهظة التي نتحملها نحن العرب والمسلمين نتيجة الإملاءات والمؤامرات الأمريكية، ويحبط المحاولات الصهيونية للإبقاء على العزلة الدولية المفروضة على إيران ومحور المقاومة.
وأعتقد أن ثمار ونتائج التوجه السعودي الجديد قد بدأت في الظهور وعلى نحو إيجابي يتمثل في تجميد العدوان على اليمن، وإن كان الفضل في ذلك يعود إلى الصمود والتضحيات والانتصارات اليمنية وحكمة وعظمة القيادة السياسية، إلا أن التعاطي السعودي مع الأمر كان إيجابياً في نَواحٍ عدة، بغض النظر عن الأكاذيب والمماطلة والتهرب السعودي من تنفيذ شروط صنعاء بتجنيب الملف الإنساني والتوقف عن اللعب بالورقة الاقتصادية والحرب الناعمة التي يقوم بها النظام السعودي في الداخل اليمني وعبر الأدوات، والتي تعوّد عليها الأنصار وأصبح لديهم حصانة، مع أن الكثيرين مازالوا يقعون فيها ولها آثار سلبية.
أيضاً ساهم هذا التوجه السعودي في رفع القيود على إيران ومكنها من الحصول على عشرات المليارات من الدولارات من أموالها المجمدة في الخارج، وخفف الضغوط على فصائل المقاومة الفلسطينية، وفتح الأبواب أمام سورية للعودة إلى المحيط العربي وتجاوز الخلافات وربما الأحقاد التي خلفتها المواقف العربية المخزية من الصراع والعدوان على الدولة والشعب السوريين.
كل تلك الأمور تجعلنا نتفاءل خيراً ونتعامل بحسن نية مع النظام السعودي الحالي ونتجاهل دوره وموقفه المدمر والمتآمر والسلبي على الأمة العربية والإسلامية وعلى اليمن التي كان لها نصيب الأسد من الحقد والمؤامرات والعدوان ومن نهب الأرض والثروات اليمنية وتعطيل التنمية وزراعة ودعم الفاسدين والعملاء ونشر التطرف والإرهاب واغتيال العقول والشخصيات الوطنية والمؤمنة والصادقة...
إلا أن القيادة السياسية تعمل على ضبط النفس وتحرص على إتاحة الفرصة والوقت أمام النظام السعودي وتشجعه على التقدم نحو السلام والاستقلال في القرار وإغلاق صفحات الماضي الأليمة والبشعة. وفي حالة عكس ذلك، فإن القيادة مستعدة وجاهزة لمواجهة كافة السيناريوهات والألاعيب التي لن تكون في مصلحة النظام السعودي، وكما يقول المثل اليمني: «الحجر من الأرض والدم من راس القبيلي».

أترك تعليقاً

التعليقات