الرقصة الأخيرة
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
عندما تم إعلان قيام تحالف وشراكة وطنية مع المؤتمر الشعبي العام بقيادة عفاش، شعر الكثير من الأنصار، أفرادا وقيادات، بنوع من القلق، فالجميع يعلم مصير كل من تحالف أو دخل في شراكة مع عفاش من أحزاب أو أفراد، وكيف خان وغدر بهم، حتى أولئك المسؤولين والقادة العسكريين المقربين منه، ومنهم من عائلة عفاش نفسه.
ويعلمون أن الشراكة مع عفاش لن يكون فيها خير للأنصار أو للوطن أو في مواجهة العدوان والحصار؛ إلا أن السيد القائد كان يعمل بمنهجية قرآنية، ويحرص على أن يكون هناك توافق ووحدة وطنية، ويرفض رد أي يد يمنية تمتد إلى الأنصار بالسلام والشراكة الوطنية، ورد على مخاوف الأنصار بالقول: نحن لا نحكم، ولا نتعامل مع الناس بحسب ما في صدورهم من نوايا، بل نتعامل بالظاهر والأفعال.
وعندما بدأت أفعال عفاش تظهر إلى السطح ذهبوا إلى السيد وقالوا له: الرجّال يلعب على المكشوف. قال لهم السيد بهدوء وثقة مطلقة بالله: لعلها زلة! أتركوا له فرصة، عسى الله أن يهديه!
لكن عفاش استمر في طريق الغدر والخيانة و»الرقص على رؤوس الثعابين»، معتقدا بأنه قادر على النجاح والنجاة كما في كل مرة، وأن «أصحاب صعدة» -كما كان يقول- لا يفقهون شيئا في السياسة، ولن يكونوا أخطر من قيادات الحزب الاشتراكي، وذهب إلى إصدار التوجيهات بتسليم المواقع التي كانت بأيادي القوات الموالية له لفصائل تكفيرية موجودة في صفوف العدوان؛ لكنها تعمل لصالح عفاش، مثل جماعة أبو العباس في تعز. وقد وصل الأمر والمعلومات إلى السيد، الذي تعامل مع الأمر بحكمة وقال لأصحابه: اذهبوا إلى عفاش ولمّحوا له تلميحا بأننا نعلم بكل ما يقوم به؛ لعله يمتلك عذرا!
لكن عفاش لم يكترث، وذهب يغازل «الأشقاء» الأشقياء، الذين يعتدون على بلادنا ويقتلون نساءنا والأطفال، ويرسل الأشخاص والرسائل، وقد وقعت بعضها بيد الأنصار والسيد، الذي اقترح إقامة الحجة عليه أمام الله والناس، وأرسل إليه الوسطاء ليقولوا له بأن عليه التوقف، وأن ما يقوم به أصبح مكشوفا، وعرضوا عليه الوثائق التي تكشف حقيقة ما يقوم به؛ غير أن الوسطاء عادوا بخيبة الأمل؛ لكن السيد كان مصرا على استنفاد كل الوسائل، حتى لا تراق الدماء ودفعا للفتنة، وطلب تنظيم لقاء مع عفاش ليسمع منه بنفسه، وتم اللقاء عبر الفيديو، جلسة مغلقة بين السيد وعفاش الذي طرح مطالب مجحفة، وقبل بها السيد، وتم الاتفاق على فتح صفحة جديدة، حفاظا على وحدة الصف.
لكن الله كان قد كتب سوء الخاتمة ونهاية مخزية لعفاش، الذي كان منهمكاً في «الرقص على رؤوس الثعابين»، لدرجة لم يدرك فيها أنه يرقص هذه المرة فوق أفاعٍ مجلجلة تمتلك سمّاً لا يمتلك عفاش ترياقا له، وهو «سم» الإيمان والتوكل على الله.
وذهب عفاش أبعد من الرقص ليصدر توجيهات بقطع خطوط الإمداد ومنع المجاهدين من الوصول إلى الجبهات في نهم وغيرها، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، ليجد نفسه داخل بطانية حمراء فاقع لونها تسر الناظرين، مفطور الرأس والفؤاد... نسرد هذه القصة في ذكرى فتنة كانون الأول/ ديسمبر لتكون عبرة لكل عشاق الرقص.

أترك تعليقاً

التعليقات