مخاوف مشروعة
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
من الواضح أن هناك اتفاقاً سياسياً، وأن صنعاء قد استطاعت انتزاع بعض الحقوق إلى حدّ كبير، وأن فرص العودة إلى المواجهات العسكرية باتت ضعيفة، وأننا مقبلون على عهد جديد.
وربما هذا الأمر يجعلنا نشعر بالسعادة والارتياح؛ كون العدوان العسكري سيتوقف؛ إلا أن هناك معارك أخرى أكثر صعوبة في طريقنا، وأصعب تلك المعارك معارك البناء والتنمية والنهوض بالوطن وإصلاح مؤسسات الدولة والعملية التعلمية والقطاع الصحي، والأهم من ذلك المعركة مع الفساد الذي سيقف عائقاً أمام أي خطوات للبناء والتصحيح.
وفي الحقيقة لم أكن في يوم من الأيام أخشى على الأنصار من خسارة المعركة العسكرية؛ فهم بارعون جدا فيها؛ كونهم فتحوا أعينهم على الحياة وهم يواجهون معارك عسكرية في محاولات اجتثاثهم وإسكات أصواتهم الرافضة للظلم والفساد والانحراف.
لكنني أخشى عليهم الفشل وخسارة المعارك الأخرى، فقد كان أداؤهم في إدارة الشأن الداخلي في الأعوام الماضية ضعيفاً، وفشلوا في مواجهة الفساد، وكان اختيارهم للأشخاص والمسؤولين سيئاً للغاية.
كما أن هناك جناحاً متشدداً داخل الجماعة في الجانب الديني متأثر بالإخوان والوهابية وله صوت مسموع وتصرفات خاطئة ومستفزة للمجتمع ويفتقر للوعي والأسلوب، وقد يكون موجهاً من الخارج لضرب الحاضنة الشعبية للأنصار وخلق ثغرات يستفيد منها العدو لفرض عزلة داخلية وخارجية عليهم وإفراغ المسيرة والمشروع القرآني والوطني من محتواه العظيم وحرف المسار وجعل المشروع القرآني نسخة من مشاريع سابقة لم تخدم الإسلام ولا الأمة، بل عملت على الإساءة إلى الإسلام وكانت معول هدم للأمة، وكما فعل الطلقاء بالإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
صحيح أن لدينا قيادة حكيمة لديها علم ومعرفة بالحقائق التاريخية، وتدرك أين فشل الآخرون وتعلم حجر العثرة التي أسقطت مشاريع عظيمة كانت تحمل نواة لإصلاح حال الأمة واستعادة الإسلام المحمدي، وأن التقدم الذي أحرزه طلقاء العصر والقصور في الأداء الحكومي والفشل في محاربة الفساد يعود إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد والانشغال في مواجهة العدوان والحصار والإرهاب؛ إلا أن المخاوف مشروعة وحقيقية، خصوصاً أن الإنجازات العسكرية التي كانت تغطي السلبيات والأخطاء وعيوب الحكومة وتجعل الناس تغفر وتسامح في الماضي لن تكون متوفرة في الفترة القادمة.

أترك تعليقاً

التعليقات