الإمبريالية المتوحشة!
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -

الضجة المثارة حول الكشف عن رسائل بريد وزيرة الخارجية الأمريكية في ولاية أوباما الثانية، هيلاري كلينتون، ليست إلا أول موجة وجاءت مركزة في هجومها على الإخوان المسلمين، وهي حملة ممولة من دول خليجية تناصب العداء للإخوان، وتصب في سياق دعمها للرئيس ترامب في تنافسه الانتخابي مع المرشح الديمقراطي جو بايدن، وأثر ارتفاع شعبية الأخير بعد المناظرة التلفزيونية، ويبدو أن هناك موجة ثانية من هذه التسريبات ستركز على المحور المناهض لترامب، والذي اصطدمت مصالحه معه، وخصوصا من الدول، وستركز على الصين وقطر وتركيا وإيران، وإظهار الحزب الديمقراطي باعتباره حزباً يفرط بالمصالح الأمريكية وحزباً أضعف أمريكا، وأن الحزب الجمهوري ومرشحه ترامب سيعيد لأمريكا مجدها وتفوقها.
بالمختصر نحن أمام صراع لوبيات داخل أمريكا، وكما نعرف أن الوثائق بالغة السرية لا يتم الكشف عنها وفقاً لتشريع أمريكا إلا بعد مرور 35 عاماً ومشروطة بموافقة الرئيس الأمريكي، وكما يبدو من السماح والتسريب أن سلطة الرئيس مقدمة على شرط المدة، ولعل دواعي مصلحة الرئيس الانتخابية لا تدخل ضمن تهديد مصالح أمريكا.
لكن وعلى الرغم من تأثير مثل هذه الضربة الجمهورية الاستباقية، لكن بالتأكيد سيكون لها أثر كبير في زيادة السخط على الولايات المتحدة الأمريكية واتساع رقعة أعدائها، لا بل إنها ستحدث صدمة لدى معظم النخب والقيادات التي كانت تعول على أمريكا، وقبلت أن تكون أدوات أمريكية في بلدانها وتتلقى الدعم المالي منها.
وفي المقابل، أمريكا المخملية في الظاهر والحلم الذي سلب لب الكثيرين، أظهرها ترامب على حقيقتها، وتحولت من دولة تخفي تكشير أنيابها خلف ابتسامتها إلى تكشير أنيابها في العلن. بالمختصر إذا تم توصيف الإمبريالية بكونها أعلى مراحل الرأسمالية، فإن توحشها أعلى مراحل الإمبريالية «الإمبريالية المتوحشة»، إمبريالية تسعى إلى افتراس الجميع.

أترك تعليقاً

التعليقات