لماذا شن الكيان غاراته على سورية؟
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
رغم أن الجولاني قدم للكيان أقصى التنازلات التي لم يكن يحلم بها؛ لكن يبرز السؤال الآنف ذكره في العنوان، مصحوباً بالدهشة؛ فهل الكيان الذي اقترف جرائم إبادة بحق سكان غزة معني بحماية أقليات في سورية كما يحاول أن يسوق نفسه؟!
في اعتقادي أن أكثر ما دفع الكيان الصهيوني إلى شن غاراته ليس حماية الأقليات، بل توجسه وشكه من سلطة الجولاني، التي اقترفت جرائم بحق طائفة من شعبها، بتلك الصورة الإجرامية البشعة. هذا التوجس مفاده: «إذا كانت سلطة الجولاني مارست هذا ضد طائفة مسلمة، فكيف لو مكنّاها وقويت سلطتها مستقبلاً وتنصلت من عهودها؟! كيف ستتعامل مع المستوطنين اليهود؟!». ولذا فإن من يذهب إلى سلام مع الجوار دون أن يكون مسالماً مع شعبه مشكوك في أمره.
لقد أرادت سلطة الجولاني أن تتعامل مع الخارج ببراجماتية؛ لكن هذه البراجماتية عرّتها ممارسات السلطة مع الداخل.
ولذا فإن ما يعمله الكيان ليس حماية للأقليات، وإنما تحقيق مشروعه بمزيد من إضعاف سورية وتمزيقها، ويستحيل أن تقوم مفاوضات بين ضعيف منهك وقوي. وعليه فإن الكيان وجدها فرصة لتحقيق مشروعه بالقوة وترميم صورته البشعة بفعل جرائم الإبادة التي اقترفها ضد سكان غزة.
وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن «النتن» يعاني من أزمات داخلية، سواءً منها الشخصية أو للكيان، ودرج منذُ بداية الطوفان إلى الهروب من إخفاقاته وهزائمه صوب توسيع دائرة الحرب، وآخر هذه الحروب كانت حرب الـ12 يوماً العدوانية على إيران، والتي تلقى فيها صفعة شديدة، جعلت الولايات المتحدة تسارع إلى نجدته. ولهذا فإن دخوله في هذه الحرب تدخل ضمن سياق الهروب من أزماته الداخلية آنفة الذكر، ولا علاقة لها بحماية الدروز ولا يحزنون.
والأمر الآخر هو أن عملية التجميل التي جرت للجولاني منذ صعوده للسلطة نسفتها ممارسات قواعده في أيام.
ومصير هذه الحرب ذهاب الجولاني إلى توقيع معاهدة مذلة مع هذا الكيان مع تحجيم سلطته داخلياً وجعله أراجوزاً مثله مثل غيره من الأنظمة التابعة في المنطقة، بل إنه أضعف منهم جميعاً.
الخلاصة الجديرة بالتنويه أن الكيان، ومن خلفه الغرب الاستعماري، يتسلل إلى مجتمعاتنا العربية التي تعاني من تعدد أقلياته، سواءً الطائفية أو المذهبية أو الإثنية بذريعة حمايتها. ونحن مع الأسف من نوفر له هذه الذرائع؛ لأننا لم نستوعب تعاليم ديننا الإسلامي، ولا نعمل بروحها التي تستوعب التعامل مع التعدد والتنوع الاجتماعي تحت مظلة العدل والإنصاف ونرسي أسس لإدارة الاختلاف.

أترك تعليقاً

التعليقات