حرب إنقاذ منظومة الفساد
 

سامي عطا

سامي عطا / لا ميديا -

من يتذكر اعتراف وزير دفاع قوات المرتزقة قبل أشهر بأن 70% من قوام قواته وهمية، وهذا الاعتراف فرضته هزائم وإخفاقات يريد أن يتنصل منها، وهذا الفساد ليس جديداً على منظومة الفساد؛ فمن يتذكر أيضاً بعد سقوط الفرقة في 21 سبتمبر 2014م عندما اكتشفت لجنة تسليم رواتب جنود وضباط الفرقة 28600 اسم وهمي في كشوفات الرواتب، وهذا أمر كان سائداً وشائعاً في منظومة الفساد الحاكمة.
وعبر التذكير بهذه الوقائع، يمكن أن نفهم هزيمة قوات شرعية الفنادق في معركة عدن، فكل معسكرات وألوية هادي مستحدثة وأنشئت في عدن بنظام المقاولات والكتبة، وبالتالي لم تشذ عما درجت عليه منظومة فساد عصابة 7/7 عبر تاريخها.
ومن المستحيل أن تصلح وضعاً بمنظومة فاسدة عناصرها استمرأت الفساد. وهذه ليست دعوة ونقد قد يظنها البعض مجانية والقصد منها تنبيه العدو للخلل ستساعده على الإصلاح، لأن إظهار عيوب ونقائص وخطايا عدوك لا يشكل خطورة، خصوصاً عندما يتظافر فيه عناصره الفاسدة المحلية مع رضا الأنظمة الإقليمية الداعمة لهم، وهذه الحرب في بعض أوجهها تآزر للفاسدين المحليين والإقليميين مع بعضهم البعض وهدفت إلى الحفاظ على منظومة الحكم الفاسدة في المنطقة وديمومتها.
كما يستحيل إصلاح منظومة فاسدة بدعم من منظومة حكم أخرى فاسدة أيضاً، ويستحيل أن تتحرك مجنزرات وآليات حرب تتصف بالعدوان إلا عبر عناصر فاسدة. ولو افترضنا جدلاً أن هناك مساعي لاستبدال هذه العناصر الفاسدة بأخرى نظيفة ونزيهة، فإن أول إجراء ستتخذه هو إيقاف هذه الحرب العبثية والعدوانية، إذا لم تُدر فوهات بنادقها ومدافعها صوب العدو الحقيقي لبلدها. 
والنزاهة والنظافة والاستقامة في مثل هذه الظروف ليست إلا قدرة على تمييز وإدراك المواقف وبوضوح، وأن هناك موقفاً يتخذه المرء يكون متسقاً مع طبيعته وموقفاً آخر يكون مخالفاً لطبيعته. عند نشوب حرب داخلية أهلية يكون بمقدور المرء أن يختار أين يضع نفسه فيها ولا ضير في ذلك، لكن عندما تنشب حرب عدوانية بين دولتين متجاورتين أو أكثر، فإن وقوفك مع دولة أخرى وضد بلدك لا يعد موقفاً طبيعياً ويخالف الفطرة الإنسانية السليمة والحس السليم، الوقوف مع الوطن الذي يوفر لك وجوداً اجتماعياً هو الأمر السائد والواجب، لأن الدفاع عن الوجود أسبق على كل مطالبك واحتياجاتك الماهوية الأخرى كالحرية والديمقراطية، فلا حرية ولا ديمقراطية من دون وجود، كما أن هذه القيم تتخلق بالممارسة داخل وجود بعينه، ولا يمكن أن توهب أو تستورد من خارج وجودك. 
وكل شعوب العالم ودولها يكتنفها صراع داخلي وصراع خارجي، والأمر الطبيعي أن تسمع من يرفع شعار (بلدي أولاً)، ألم يردد ترامب في صراع أمريكا مع دول العالم شعار (أمريكا أولاً) بسبب إحساسه بخطر وجودي مع الصين؟! ألم يقاطع الصينيون بضائع لشركات أمريكية في السوق الصينية رداً بالمثل "الصين أولاً"؟! يحدث أحياناً خلط وتشويش في المواقف حينما يتداخل الصراع الداخلي بالصراع الخارجي نتيجة عوامل كثيرة يطول شرحها وتفنيدها، لكن تظل وحدة الناس ضد الخطر الخارجي أولوية دائماً وأبداً، ومن يسمح للعدو الخارجي أن يستغل الصراع الداخلي محكوم عليه بالزوال والتلاشي.

أترك تعليقاً

التعليقات