سامي عطا

د. ‏سامي عطا / لا ميديا -

بدأت خيوط مسرحية أرخبيل جزر حنيش أثناء حرب 1994 ضمن اتفاقات مسبقة بين عصابة (7/7) وقوى النهب الدولي، وواحد من التنازلات التي قدمتها عصابة الحكم من أجل حسم معركة حرب 1994، لتحصل على تسهيلات لوجستية، منها استخدام مطارات إريتريا لانطلاق طائراتها العسكرية في العمليات العسكرية على أن يكون ثمنها تواجد الكيان الصهيوني من خلال دولة إريتريا التي ربطتها علاقات مع «إسرائيل» إثر ظهورها كدولة بعد سقوط نظام منجستو هيلا مريام في إثيوبيا.
وعلى إثر هذا السيناريو بدأ تمكين الكيان الصهيوني من السيطرة على البحر الأحمر تحت طاقية إخفاء متمثلة بأنظمة العمالة والخيانة في المنطقة وتحت رعاية وضمانات فرنسية (نشأة نظام (7/7) لها بصمات فرنسية، ووقائع اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي تتحدث عن ذلك).
وجدير بالذكر أن عراب مشاورات واتفاقات نظام (7/7) كان عبدالكريم الإرياني، الذي أصبح رئيس وزراء في أول حكومة بعد الحرب.
ومن يتذكر فإن القوة التي تعرضت للهجوم الإريتري حينها وحسب ما تداولت الصحافة حينها كانت بقيادة قائد حراسة مبنى اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، الذي تم نقله بعد الحرب من مهمته في حراسة المبنى إثر معركة نشبت أثناءها بين قوات من الأمن المركزي وقوات الحراسة داخل صنعاء، لم يعد يحضرني اسم ذلك القائد، ونقل بعد الحرب مع مجموعة من أفراد طاقمه إلى جزيرة حنيش كعقاب له نتيجة مقاومته اقتحام مبنى اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، ويبدو من أجل تقديمه إلى محرقة الموت ضمن سيناريو معد مسبقاً. 
وحين بدأت مسرحية سيطرة القوات الإريترية على جزيرة حنيش قاوم هذا القائد وأفراده هذا الهجوم واستشهدوا دفاعاً عن الجزيرة، ولم يكن لديه عتاد عسكري يفي بمتطلبات الدفاع عن الجزيرة، والعملية كانت مقصودة ومرتبة. وحينها لم تفعل عصابة (7/7) إلاّ مناشدات للمجتمع الدولي، وتدخلت الأطراف التي رعت الاتفاق المبرم أثناء حرب 1994، وقدمت مقترحاً بالذهاب للتحكيم الدولي ضمن خيوط تنفيذ أهدافه وعبر هذا السيناريو. وعلى إثره وافقت عصابة (7/7) على التحكيم الدولي ورعته فرنسا التي كان من نصيبها لاحقاً اتفاقية استغلال غاز مأرب أيضاً.
وبعد ماراثون تحكيم استمر حوالي عامين إن لم تخني الذاكرة، تم تقسيم الأرخبيل الذي يضم 34 جزيرة، تقريبا بين اليمن وإريتريا بواقع 18 جزيرة لليمن و16 جزيرة لإريتريا تقريباً، علماً أن هذا الأرخبيل كان تحت سيادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذُ الاستقلال حتى قيام الوحدة، وكان فيه حامية بحرية للدفاع الساحلي.
المهم بعد التحكيم خرجت جوقة إعلام عصابة (7/7) (فرقة حسب الله) تهلل وتدبج المعلقات بانتصار اليمن في التحكيم، وأقامت احتفالات على أوراق صحف العصابة، وحوّل الخونة من خلالها بيعتهم وخيانتهم إلى انتصار.
وكما أسلفنا، هذا السيناريو يمثل مصالح الناهب الدولي، لكن من خلال تواطؤ عصابة (7/7) معه، وجرى إخراجه في وقت لاحق تحت مظلة صراع يمني إريتري على الأرخبيل، وهدفه تسليم جزء من الأرخبيل لدولة الكيان الصهيوني الغاصب الذي نسج علاقات مع دولة إريتريا للتواجد في جنوب البحر الأحمر، وثمنه ترجيح كفة حرب 1994 لصالح البائع ديناً.
ولذا علينا ألا نستغرب خيانات عصابة حكمت البلد وكان لديها استعداد على الدوام أن تتحالف حتى مع الشيطان، فلم تك هذه العصابة إلاّ وكيل حماية مصالح قوى الناهب الدولي، نظير مصالح تحصل عليها، وعلى حساب مستقبل البلد والناس فيه، وتحمي نفسها وبقاءها من خلال بيع البلد بالتجزئة، حتى وصل بها الحال في مؤتمر الموفنبيك إلى بيعه بالجملة.
لا يختلف من حكموا هذا البلد عن محمد بن سلمان، وما صورة محمد بن سلمان الهزيلة أمام ترامب، والأخير يعدد الأموال الذي دفعها له الأول نظير حماية نظامه، إلاّ في كونها اليوم وفي عهد ترامب لم تعد تتم سراً وخلف الكواليس.
وفي الوقت نفسه ما إصرار التحالف العدواني على عودة عصابة الحكم بشقيه من خلال شرعية عبد ربه وجناح مؤتمره وتأسيس المجلس الانتقالي من عناصر معظمهم عملوا مع الرئيس السابق وتتخذ من القضية الجنوبية ومظلومية الجنوب مظلة سياسية من أجل تحقيق أجندات ومصالح قوى النهب الدولي، وبات المجلس الانتقالي رافعة بديلة عن حزب المؤتمر الذي انقسم على بعضه إثر انتفاضة 2011، جزء مع عبد ربه المتحالف مع الإخوان الذين لا يؤتمن جانبهم نظراً لعلاقتهم بتركيا وقطر، الأمر الذي يقلق دولاً إقليمية، وجزء آخر ظل في تحالفه مع الأنصار ويقلق دولاً إقليمية ودولية، بينما هناك طرف ثالث وجهته الإمارات، لكنه طرف ضعيف وغير قادر على لعب دور في المعادلة السياسية، ولذا فإنه بات ينشط من داخل المجلس الانتقالي.
ومن يعود بذاكرته إلى وقائع هذه الحرب العدوانية ومجرياتها في عدن والساحل الغربي، فقد جرى تسليم واستلام بين طرف في تحالف صنعاء وقوى إقليمية ودولية لهذه المناطق الحساسة التي تهم هذه القوى وتهم «إسرائيل» تحديداً المتواجدة فيها منذ ما بعد نتائج التحكيم على الأرخبيل. ولقد كانت قوى النهب الدولي قلقة من سيطرة قوات الحزام الأمني على الرغم من أنها قوات أنشأتها الإمارات، أحد حلفاء قوى النهب الدولي الإقليمية، لكنها قوات جديدة لا يؤتمن جانبها وظل الخوف والتوجس منها حتى ما بعد أحداث 2- 4 ديسمبر 2017، وهروب طارق عفاش وتكليفه بإعادة تأسيس ولملمة قواته التي سلمت معسكر خالد والساحل الغربي في معارك العام نهاية 2016 وبداية 2017، وتم إعادة تسليم المنطقة لقواته، لأنه شخص يؤتمن جانبه وتربطه مصالح مع قديمة قوى النهب الدولي.
والخلاصة أن ما جرى من تسليم واستلام منذ معركة عدن حتى معركة الساحل الغربي أثناء هذه الحرب يندرج ضمن إطار علاقات وثيقة مع طرف في عصابة (7/7) ومضمون في إخلاصه، تعززت ثقة قوى الهيمنة الدولية به أكثر بعد حادثة تحكيم أرخبيل جزر حنيش، وأثبت مهارة في تحويل الخيانة إلى انتصارات وطنية.

أترك تعليقاً

التعليقات