أولاد المحظية وأولاد الشغالة!
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
شد انتباهي عنوان خبر يقول: "ابن سلمان جاء بـ8 مليارات دولار قيمة استثمارات في مصر".
وفي الآونة الأخيرة أخذ المجلس النخاسي، الذي شكلته المملكة في اليمن إثر مشاورات الرياض، يتنقل من هذه الدولة إلى تلك بحثاً عن دعم مالي لحل الأوضاع السيئة في المناطق تحت الاحتلال. وتقول الأخبار بأن جولة هذا المجلس، بالإضافة إلى تكوينه المسخرة وهزالة استقباله في مطارات الدول، لم تثمر كثيراً.

هذا الأمر ذكرني بمقالة كنت قرأتها قبل أيام للصحفي المصري عماد الدين أديب، المقرب من دوائر صنع القرار في مصر، نشرها في الموقع اللبناني "أساس ميديا" يتبع نهاد المشنوق، المقرب من بيت الحريري، وتحت عنوان "من يعوض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية ـ الأوكرانية؟" بتاريخ 12 حزيران/ يونيو 2022.
استهل الصحفي المقال بصيغة تحذير؛ لكن فيه تهديداً مبطناً لمستقبل العلاقات المصرية - الخليجية، التي ستكون من ضحايا الحرب الروسية - الاوكرانية. وأردف بأن هناك 25 مليار دولار أمريكي تمثل عجزا في موازنة الدولة المصرية، بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة ومشتقاتها والحبوب والغلال والسلع التموينية الأساسية.
طبعاً، لم ينسَ في مقاله أن يثير مخاوف الدول الخليجية من سقوط مصر نتيجة هذه الأزمة الطارئة في يد ثلاث قوى إقليمية، وهي إيران وتركيا و"إسرائيل"، وأظن الأخيرة تحصيل حاصل وحشرها لزوم التنويم الجمعي العربي، وكلنا نعلم أن هذه الأنظمة المطبعة لا يثير حفيظتها أمر يتعلق بـ"إسرائيل".
خوف دول الخليج من إيران معروف سببه، وكذلك الخوف من تركيا التي في محصلتها تعني إثارة مخاوفهم من عودة الإخوان لحكم مصر.
المقال أيضاً، لم ينسَ أن يثير مخاوف هذه الأنظمة من عودة ثورة يناير 2011 وتكرارها إذا لم يتم معالجة هذا الاختلال في الموازنة المصرية.
ولقد أضاف في مقاله توقعات أورد فيه احتمالين في هذا الشأن، قائلا: "يبقى احتمالان في هذا الشأن:
الاحتمال الأوّل: أن يتمّ تدبير موارد من الدولارات الطازجة لتنعش الاقتصاد المصري لمواجهة هذه الفاتورة المستجدّة عن طريق مشروع دعم عربي - دولي منظّم ومحسوب بدقّة، وبرعاية مؤسّسات ماليّة دولية، وهذا هو الاحتمال الآمن.
والاحتمال الثاني هو، لا قدَّر الله، السيناريو القائم على استفحال الأزمة والضغط الشديد على حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي في مصر. وهو احتمال كارثيّ يفتح أبواب جهنّم ليس على الأوضاع في مصر وحدها، لكن على أربعة محاور:
1 - سوف يصبّ لمصلحة الدول غير العربية الـ"شرق أوسطية"، أي لمصلحة إيران وتركيا و"إسرائيل".
2 - سوف يؤدّي إلى حالة من عدم الاستقرار في مصر تعيد حالة الفوضى التي صاحبت سابقاً أحداث كانون الثاني/ يناير 2011، وساعتئذٍ لا أحد سيتمكّن من توقّع ردود فعل القوى الشعبية الداخلية.
3 - سيبدأ كابوس النزوح البرّي الكبير عبر الحدود مع ليبيا وفلسطين والسودان.
4 - سيبدأ سيناريو كابوس الهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج.
ويختم مقاله بالتنبيه إلى الكارثة المحدقة، بقوله: "ترك الحالة المصرية كما هي من دون تدخّل اقتصادي وماليّ عاجل لمواجهة فاتورة الحرب الروسية - الأوكرانية هو كارثة بكلّ المقاييس".
والملاحظ أن هذا المقال الصحفي كان له أثر، فلقد سارع ولي عهد المملكة إلى تقديم 8 مليارات دولار لمصر، في الوقت نفسه زيارة فرقة حسب الله (المجلس النخاسي) بقضها وقضيضها لم تثمر زيارتهم الجماعية، وإنما أثارت تعليقات ساخرة.
الأمر الآخر الذي ينبغي الإشارة إليه أن هناك أوضاعا مأساوية من جراء عدوان التحالف أفضت إلى ضعف خدمات في عدن والجنوب لم يتم الالتفات لها، وكل الأحداث والأخبار عن مليارات مؤسسة سلمان الخيرية مجرد كلام على ورق.
المملكة، مع تحالفها، أنشأت هذا المجلس ليس من أجل نجاحه، وإنما لكي تخرج من المستنقع، ولا يهمها نجاحه أو فشله، فإن نجح بإمكانياته الذاتية -وهذا مستحيل- فهو محسوب لها، وإن فشل وتحولت عدن والجنوب إلى ساحة صراع بين القوى المتنافرة، فإنها ستجد من وراء ذلك مبررا وذريعة ترى فيها شماعة فشل تحالفها وترميه على هذه القوى التي جاءت لدعمها ومساندتها.
وسوف تستمر المملكة وتحالفها في التحكم بالصراع بين القوى المتنافرة من بعيد، وغايتها "يمن ضعيف منهك" يتحمل تبعاته من سيسيطر على أنقاض البلد في نهاية المطاف.
ملحوظة أخيرة: في إحصائية جرى تسريبها، أظن في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عن حجم العقارات المشتراة من قبل اليمنيين في العاصمة المصرية القاهرة بلغت، إن لم تخني الذاكرة، 93 ألف وحدة عقارية، ما بين شقق وفلل، ومعظمها تعود إلى عملاء المملكة الذين شرعنوا حربها؛ عبر أموال منهوبة من البلد أو عبر إتاوات تقاضوها من تحالف العدوان. لقد كان التحالف يعلم بذلك الفساد وسكت عنه، ولقد كان الهدف منه مساعدة النظام المصري نظير موقفه من الحرب والتحالف. ولو كان هذا التحالف غايته إصلاح هذا البلد لما تم السكوت عن إدارة الحرب بالفساد ولما استوزر الفاسدين.
وآخر خطط تحالف العدوان مواصلة إضعاف اليمن إلى الحد الأقصى الممكن، أي أن استراتيجية تحالف العدوان تحصيل قوته من خلال إضعاف اليمن إلى أقصى مدى ممكن.

أترك تعليقاً

التعليقات