الهروب من وعثاء السياسة
 

عبده سعيد قاسم

الغناء ملاذ الأرواح المرهقة من وعثاء السياسة الناضحة بنكد المماحكات بين رموزها الغارقة بالفهم الانتهازي الذي يعتبر أن السياسة مكيدة وخبث وتزييف للحقائق واتهام الخصم بما فيه وبما ليس فيه، مما جعل المواطن البسيط يفقد الثقة تماماً بالساسة وقبح ممارستهم السياسية المرتكزة على القبح الفاضح واغتيال الوعي وتدمير التفكير الفطري السوي للمواطن الذي وجد نفسه غارقاً في لجج أكاذيب السياسة، وتختنق أنفاسه فيتخبط كالذي أصابه مس شيطاني، فيجتهد بالبحث عن مخرج، وكلما ظن أنه شارف على النجاة داهمته موجة جديدة من أكاذيب الساسة وإعلامييهم الذين يسوغون مواقف وتوجهات الساسة المضادة لمصلحة الوطن والناس بكلامهم المخاتل، حتى يفقد قدرته على معرفة أية أرضية يقف عليها؛ قد يكون لينين محقاً بقوله إن الإنسان سياسي سواء عرف ذلك أو لم يعرف؛ ربما نعم، لكن السياسة تصبح عهراً وصفاقة عندما تخلو من قيم الصدق والنبل..
الأغاني فقط هي التي تمسح عن أفئدتنا غبار الزمن، وتصد عنا موجات الجفاف التي تجتاح حياتنا المثقلة بحطام أعمارنا التعيسة، وتخفف وطأة السنين المتراكمة فوق كواهلنا المرتجفة من شدة ما أصاب أرواحنا من صدمات البؤس واليأس والانكسارات المتكررة من لحظة الميلاد حتى اشتعال الرأس شيباً ودنو أوان الرحيل.
أن تصغي للفنان أيوب طارش عبسي وهو بصوته الجميل الرفاف يداعب روحك المرهقة، فيهدأ قلقك وتستعيد نضارة قلبك، أفضل ألف مرة من أن تتعرض لسماع خطبة أمين عام حزب أو فتوى رجل دين يتجنى عليك وعلى الله بتحوير جوهر الدين وفقاً لمقتضيات المصلحة السياسية للحزب والنظام والجماعة، وأخف وأسلم لك من أن تحدق في شاشة تلفزيونية قاحلة تثرثر منها مذيعة أسرفت بطلاء وجهها بشتى المساحيق والألوان الخادعة الفاقدة جمال الروح، تهذي بطلاقة لتقدم للمشاهد نشرة إخبارية تنضح كذباً ودجلاً، تتخللها مداخلات ناشطين سياسيين وحقوقيين تم إعدادهم في كواليس تلك القناة، ليظهروا من خلال الشاشة تلك يؤصلون لأقبح الأكاذيب تأصيلاً فلسفياً، ويتقيؤون في وعيك كل عفونات القول، ويحاولون إقناعك أن العدوان على بلدك وتدمير مكتسباتك الوطنية هو عمل عظيم يصب في صميم بناء مستقبلك، ومن أجل رفاهيتك وتحقيق أحلامك في الحياة الدنيا والآخرة. 
غنوا إذن، واغسلوا أرواحكم من صدأ السياسة بالأغاني..

أترك تعليقاً

التعليقات