لم يعد الأمريكي اللاعب الأوحد
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -

نحن جزء من محور يمتد من بيروت إلى دمشق وبغداد وطهران وصنعاء وموسكو وبكين وبيونغ يانغ وكراكاس وهافانا.
لسنا وحدنا، ولم تعد قوى الاستكبار ممثلة بالأمريكي حاكما مطلقا وأوحد لهذا العالم.
صمود إيران ومعها حركات المقاومة، وانعدام قدرة الأمريكي على محونا في مفاصل زمنية أساسية من الصراع في الأعوام ٨٢ و٢٠٠٣ و٢٠٠٦ وفي الحرب الدموية الممتدة من ٢٠١١ حتى اليوم، يتزامن اليوم مع ترميم روسيا لقوتها وبروزها كلاعب أساسي على خارطة المنطقة. ويتزامن -وهذا الأهم- مع بروز عملاق اقتصادي في أقاصي شرق آسيا اسمه الصين. والقوتان في تحالف استراتيجي مع إيران.
يستشرس الأمريكي اليوم، وهذا ليس دليل عافية بل دليل أزمة. وقد يخبو الصراع تارة ويشتد تارة أخرى، وقد نتراجع هنا ونتقدم في غير مكان، لكن إذا أجملنا المشهد أو احتسبنا الحاصل الإجمالي لهذا الفصل من الصراع نرى تقدما كبيرا على صعيد تصدع الهيمنة المطلقة للأمريكي.
نتحدث عن الصين التي خرجت من حدودها بمشروع عالمي اسمه الحزام والطريق. نتحدث عن روسيا التي ستبقى على شواطئ المتوسط لمئة عام قادمة. طهران ثبتت نفسها كقوة إقليمية كبيرة. إضافة إلى ذلك التنافر الكبير داخل المعسكر الأمريكي بين تركيا من جهة والقوى الأوروبية ومصر والكيانات العربية الوظيفية من جهة أخرى، والتصدعات التي أصابت الأطلسي.
نعيش اليوم في عالم فاقد للانتظام السياسي، عالم يتلمس، يستعيد استئناف سيرورته التاريخية التي بترتها الهيمنة الأمريكي المطلقة، وقبلها الثنائية القطبية. عالم متعدد الأقطاب تتشابك فيه مصالح الأطراف المتصارعة وتتنافر بشكل شديد التعقيد.
لبنان اليوم هو إحدى ساحات الصراع التي ينعكس فيها وعليها سياق الصراع العالمي، والتي تقرأ أحداثها من خلاله. واتفاق الإطار بالنسبة لترسيم الحدود هو تفصيل في لوحة الصراع الشاملة في المنطقة والعالم. صراع يحاول لاعبوه تفادي سيناريوهات الصدام الكلي والفوز بالنقاط ما أمكن.
لم يعد الأمريكي لاعبا أوحد، ولم نعد وحدنا في هذا العالم.

*  كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات