بين عالمين
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
بلطجة ترامب لن  تغير الاتجاه الموضوعي للتاريخ. الهيمنة الأمريكية على العالم تتآكل. قيمة الدولار الآخذة بالتراجع هي مؤشر.
لن يعود العالم إلى معيار «بريتون وودز» فقط. ثمة شيء أكثر عمقاً يحصل، وهو انهيار «النظرية الكينزية» التي مدت عمر النظام النقدي الحالي وعمر الرأسمالية الحديثة منذ أن أجابت على سؤال الكساد الذي حصل في العام 1929.
هذا الطريق، «الطريق الكينزي»، يغلق اليوم، والعالم عالق بين التضخم والركود والمديونيات الحكومية الضخمة والأزمة التي تعبر عن نفسها بالحروب التجارية والعسكرية التي من المتوقع أن تتمدد أكثر.
العالم الذي عرفناه ينتهي، وثمة بديهيات ستصبح من الماضي، كمفاهيم «دولة الرفاه» و«الإعانات الاجتماعية» و«المعاشات التقاعدية»... وغيرها. ولن يقتصر الأمر على هذه المفاهيم، بل إن ثمة دولاً سوف تنهار وأخرى سوف تختفي أو تندمج في عالم لن يبقى فيه سوى الاقتصاد الانتاجي، أي الحقيقي، وهذا الاقتصاد يتطلب موارد وأسواقاً وديموغرافيا.
من الواضح أيضاً أن العملية الانتقالية التاريخية الحاصلة لن تمر كما كل تغيير بنيوي بشكل سلس. قوى العالم القديم تحاول فرملة تدفق التاريخ، والقوى الصاعدة لا ترفع الراية البيضاء، وصوت العقل يغيب في الأزمات التي تتخذ طابع التهديد الوجودي لامتيازات الدول.

 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات