مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
من مسمى «جبهة التحرير» في جنوب الوطن، كان المقصود التحرر من الاستعمار البريطاني، ومسمى «الجبهة القومية»، فمن أجل التحرير والتحرر من الاستعمار البريطاني، ولكن الجبهة القومية ربطت التحرر من الاستعمار بالقومية التي كان يقودها الزعيم جمال عبد الناصر آنذاك.
بعيداً عن كل ما جرى بين الجبهتين («التحرير» و«القومية»)، فالسؤال الذي لم يطرح للفهم أو للبحث هو: لماذا غيرت الجبهة القومية اسمها إلى «الحزب الاشتراكي»؟ وربطاً بذلك كيف ولماذا سار الحزب إلى خيار النظام والأيديولوجية الشيوعية؟
الإجابة ببساطة: لأن الهزيمة القومية، وفي عام انتصار ثورة أكتوبر في الجنوب، ستفقد الثورة الانتصار ربطاً بما حدث في الشمال والتحرر من الاستعمار هو تسليم الجنوب للنظام السعودي كاستعمار بديل كما تسليم الشمال للوصاية السعودية بما عُرف بـ«مؤتمر حرض للسلام».
الثورة الأكتوبرية في عدن من أجل أن تبقى كثورة وتتحرر من الاستعمار اضطرت لتغيير مسمى الجبهة القومية إلى «الحزب الاشتراكي» والسير في الخيار الشيوعي كنظام من أجل دعم السوفييت لتبقى الثورة ويتحقق التحرير، فالثورة لن تكون والتحرير لن يتحقق بدون هذا الخيار كضرورة أو اضطرار.
النظام السعودي أُسس ليخدم الاستعمار والأمركة والصهينة، وهو الدور الذي يؤديه الآن على المستويين العربي والإسلامي.
النظام السعودي وهو أهم أدوات الاستعمار، قديمه وحديثه، بل وأهم أدوات الصهينة والصهيونية، لم يجرؤ على قول أو مجرد الإشارة بأن ما يربطه بالاستعمار هو شراكة وشركات، فيما «زبيدي الانتقالي» بلا حياء وبكل وقاحة يقول بأن علاقة جنوب الوطن ببريطانيا كانت علاقة شراكة وبريطانيا لم تكن البتة دولة استعمارية.
مثلما يتحدثون الآن عن أذرع وأفرع إيران وعن «المشروع الشيعي» ونحو ذلك، قد يقبل من أي تافه كما «زبيدي عدن» أن يقول إن الاتحاد السوفييتي كان في جنوب الوطن استعماراً؛ ولكن أن يقول إن بريطانيا كانت شريكة ولم تكن استعماراً فذلك لا يستحق ضحكاً ولا بكاءً؛ لأن توصيف الشراكة ينطبق على علاقة عدن بالسوفييت، وأساس الشراكة النظرية الشيوعية.
وعندما نقول إن عدن اضطرت للسير في هذا الخيار أو القرار فالآخرون ساروا في مثل هذا الخيار غير مضطرين، فخيار الاضطرار للدول لا يحسب من الخطايا، بل هو أقل من توصيف «الخطأ».
هل يحتاج زبيدي عدن لتوصيف بريطانيا بأنها غير استعمارية؟! وهل له شرح اضطراره لهذا التوصيف مقارنة بحالة عدن بعد انتصار الثورة الأكتوبرية؟!
هل تتذكرون أن التعاون الخليجي ضم الأردن والمغرب عام 2011، إلى ما يعرف بمجلس التعاون؛ فلماذا هذا الضم وهو مجرد إعلان لم يعد أحد يذكره أو يتذكره؟!
مثل هذه القراءة وما فيها من التقاطات تاريخية واقعية ومحايدة تمثل أهمية كبيرة في ظل متغيرات وتحولات عالمية جديدة يظهر العالم فيها كأنه عاد للمربع الأول في مواجهة القوى الاستعمارية بمدها وامتدادها الذي باتت أمريكا ثقله، وأمريكا التي ظلت بعد الحرب العالمية الثانية وحتى وقت غير بعيد تفاخر وتفتخر بأنها دولة غير استعمارية لم تعد في هذا الطرح؛ لأنها باتت في التاريخ أقوى وأبشع دولة استعمارية.
ومثلما طرح مؤسس النظام السعودي، عبد العزيز بن سعود، أن «تُعطى فلسطين للمساكين اليهود»، فإن «زبيدي عدن» يتصور أنه يعيد التاريخ بنفي استعمارية بريطانيا وبالارتكاز على التطبيع مع الصهاينة.
ومن وضوح أن مثل هذا التافه لا يعرف ولا حتى يقرأ تاريخاً؛ فهو يريد إعادة مشروع استعماري قديم: «الجنوب العربي»، ولعله بهذه السطحية يحكم بأن يسير في خطوة تأسيس «المملكة الزبيدية» في موازاة المملكة السعودية، كإضافة لخط الصهينة الذي يمارس ويكرس من أنظمة العمالة التاريخية، وما أضيف إليه كمعطى لانهزام القومية واليسار؛ ولاحظوا الطريقة غير المسبوقة في تعيين ذاته رئيساً لما يسمى «الانتقالي».
إنه يتمنى أن يُتداول في الأخبار بتوصيف أنه مؤسس «المملكة الزبيدية» كما يطرح عن مؤسس السعودية!

أترك تعليقاً

التعليقات