التاريخ سيحاكم العمالة التاريخية!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
في ظل أي حروب عايشتها أو تابعتها، وفي أي بلد أو بلدان في العالم، فإني اعتدت التهرب من مشاهدة الدمار والقتل، وعند الوصول لمثل هذه المشاهد فإني إما أن أقوم بإغلاق التلفاز وإما اضطر ألا أشاهد وأبحث عن مشاغل أخرى.
إذا هكذا تصرفي في مشاهد أي حروب، فحالة غزة شيء وشأن آخر لا يستطاع تصوره ولا تحمله. ولذلك فهذا العدوان والإجرام والدمار والإبادة الجماعية لم يعد إغلاق التلفاز أو الهروب من المشاهد، وبأي مشاغل أو وسائل فاقدة التأثير على نفسيتي وانفعالاتي وتفكيري وعلى حياتي إجمالاً.
ربما هذا يدفعني أحياناً إلى تساؤلات مع الذات، مثل: كيف صفي السكان الأصليون في أمريكا وأستراليا وبلدان أخرى؟! وكيف تم قتل قرابة ثلاثة ملايين جزائري؟!...
ربما في الامتداد لهذا التفكير أستغرب أن أمريكا الاستعمارية بكل جبروتها وأساطيلها وأحدث وأفتك أسلحتها، ومع الاستعمار الغربي، يمارسون هذا العدوان الجبروتي الإجرامي على الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح والمحاصر لأكثر من عقدين قبل هذا العدوان!
سيقولون: «أمن إسرائيل» وحق الدفاع عن النفس، وهذا من باب أولى يجعل القول بأن أمن أمريكا وحق الدفاع عن النفس «يشرعن» تصفية السكان الأصليين في أمريكا أو الهنود الحمر! وما دامت أمريكا تغزو فيتنام والعراق وأفغانستان دفاعاً عن أمنها القومي، فإنه لو كان بمقدورها تصفية سكان الكرة الأرضية لفعلت، بحيث لا يظل في الأرض غير أمريكا و«إسرائيل»، فمن ستحارب أمريكا بعدها إذا لم يعد في كامل الكرة الأرضية من يهدد كما تزعم أمنها القومي أو أمن الكيان الصهيوني؟!
الذي حال أو يحول دون هذه الفكرة أو التفكير الجنوني ليست الشعارات الغربية الأمريكية الكاذبة الزائفة؛ ولكنه مستوى من القوة وتنامي المقاومة ربطاً بالاستعمار القديم والجديد. ولذلك فإن هذه المقاومة ستظل ما بقي هذا الجبروت والظلم، وهي أهم سنن الله في الكون، بل إن كوامنها تجسد إرادة الخالق عزّ وجلّ.
تأملوا في المشهد أكثر وأعمق لطرح تساؤل على طريقة: إذا كانت كل هذه القوى العالمية والعملاقة في موقفها مع الكيان الصهيوني اللقيط والمؤقت عجزت عن تحقيق نصر واضح على شعب أعزل من السلاح ومحاصر كلياً لعقدين، فكيف يتحدثون عن تغيير خارطة، وعن «شرق أوسط جديد»؟! وماذا يعني فرض سلام بالقوة؟!
مجرد طرح عناوين وشعارات مثل تغيير خارطة وإعادة تشكيل منطقة وفرض سلام بالقوة، فهذا أبشع وأشنع استعمار عرفه التاريخ. وإذا لم يكن مستحيلاً تحققه أو تحقيقه، فالمستحيل أن يستقر كاستعمار بأي استعمال، حتى لو قبلت أنظمة أي منطقة أن تكون مجرد مندوب سامٍ للاستعمار الجديد، وبعضها قبل بذلك منذ الاستعمار القديم وارتبط بذلك فرض ومسمى وطن باسم أسرة «السعودية»، وهذا بحد ذاته وصمة في جبين الاستعمار القديم والجديد، وهو إلى زوال حتمي طال الزمن أو قصر، كما الكيان الصهيوني اللقيط الذي أسس معه بالتوازي.
كل هؤلاء الذين يعتمدون على مد الاستعمار ويريدون إطالة عمره ومداه، باتوا واقعياً يعيشون خارج التاريخ وتلقائية الحرية الحقة. ومد الأحرار على مستوى العالم سيسحق ويمحو كل هؤلاء، كسنة كونية وإرادة إلهية، ربطاً بالأسباب التي يجسدها هذا الصراع. وسيسجل التاريخ أن غزة و«طوفان الأقصى» كانت نقطة مفصلية في الدخول إلى عالم جديد أكثر عدلاً وأقل ظلماً، لا يقبل القطبية الأحادية ولا العقوبات الأحادية، ولا يقبل استمرار الاستعمار الغربي قديمه وجديده بأي لبوسات وأدوات وبأي قدرات أو شعارات.
ولذلك، فإنه على كل من ربطوا مصيرهم بتغيير خريطة أو «شرق أوسط جديد» أن يؤمنوا بأن مصيرهم انتهى، وليس فقط دورهم، ومجرد وجود إعلام متصهين، ربطاً بالأمركة في مراكب العمالات والعمالة المركبة، هو أقوى مؤشر إلى قرب نهاية العمالات والعملاء. والمطلوب فقط من كل أحرار المنطقة وشعوبها ألا يكترثوا ولا يعيروا هذا الإعلام بفسقه وفجوره ونخبه وقبحه أي أهمية أو اهتمام، والقادم يحمل للحرية والأحرار مفاجآت ستسعدهم!

أترك تعليقاً

التعليقات