عولمة «البلطجة»الأمريكية.. لماذا؟!
- مطهر الأشموري الأثنين , 14 يـولـيـو , 2025 الساعة 2:51:26 AM
- 0 تعليقات
مطهر الأشموري / لا ميديا -
منذ انهيار الاتحاد السوفييتي فإن أمريكا ظلت في التحضير لمشاريعها الأهم في العالم.
بين هذه المشاريع الأهم هو ما يُسمى "الشرق الأوسط الجديد"، وما عُرف بـ"ثورات الربيع العربي" هي المحطة الأمريكية المفصلية والأهم في تنفيذ هذا المشروع.
إلى جانب هذه المحطة بمسماها العربي جاء في سياقه ما عُرفت بـ"ثورة في أوكرانيا" عام 2014.
وهكذا فإنه إذا ما عُرفت بـ"ثورات الربيع العربي" كانت محطّة أمريكية في إطار تفعيل وتنفيذ ما يُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد" فإن ما عُرفت بـ"ثورة في أوكرانيا" كانت تهدف لتفتيت روسيا إلحاقاً بتفتيت الاتحاد السوفييتي.
كل الحروب في ما يُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد" هي حروب أمريكية لخدمة ما يُعرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الجديد"، كما الحرب الأوكرانية هي حرب أمريكية وكان هدفها إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا ثم تفتيتها، ولعل حروب المشروعين الأمريكيين التقتا مؤخراً في العدوان الأمريكي - الصهيوني على إيران، والطبيعي بتلقائية التطورات والصراعات أن تجد الصين نفسها في محور مواجهة الحروب والمشاريع الأمريكية ربطاً بما يخص الصين كما مسألة تايوان وفي إطار أمن الصين القومي ومصالحها العالمية وفي ظل بروزها كقوة كاسحة عالمياً اقتصادياً وعسكرياً وغير ذلك.
بل إن التموضع الجديد للصين عالمياً فرضها في واجهة وقضايا العالم، وترامب يرى الصين هي العدو الأول لأمريكا وليست روسيا كما ظل سلفه بايدن يتبنى أو يطرح.
بقدر مستوى تحالف روسيا والصين ولكن كل طرف له رؤية استقلالية للتعامل مع ما يعنيه من المشاريع الأمريكية، ومثلما تقدم الحرب الأوكرانية نموذجاً أفشلت فيها روسيا أن تلحق بها أمريكا والغرب هزيمة استراتيجية، فالصين لها طرقها وأدواتها وأوراقها في التعامل مع القضايا ربطاً بالحروب والمشاريع الأمريكية وبما هو أوسع وأبعد من مجرد قضية "تايوان".
ولذلك فالنجاح الأبعد لأمريكا في مشاريعها كان فيما يرتبط بـ"الشرق الأوسط" بسبب متراكم الانهزام أو اليأس في حالة العرب والمسلمين، وفي ظل متراكم العمالة لأمريكا في واقع أنظمة عربية إسلامية هي كثيرة وتكاد تكون الأكثرية.
إذن، أهم عوامل خوض روسيا الحرب في أوكرانيا هو أمنها القومي، فالأمن القومي للصين أكثر أهمية، والعدوان على إيران مثل تهديداً للأمن القومي لروسيا والصين بمستوى أوكرانيا أو تايوان، مثل ذلك لا يعالج بطريقة ترامب والمعادن النفيسة في أوكرانيا ولا بوعوده للصين بأن يسمح "حضرته" لها باستيراد النفط من إيران، ومثل هذا بات يقدم فقط إلى أين كان التفكير الأمريكي وصل في ظل هيمنتها الاستثنائية للتعامل مع العالم.
ليست المعادن النفيسة هي مشكلة روسيا الأساسية، ولا النفط الإيراني هو كل مشكلة الصين، وبالتالي فأمريكا إنما تقدم تصوراتها للعالم في ظل فترة هيمنتها الاستثنائية، وذلك ما تجاوزه العالم، وهو ما جعل أمريكا تلجأ إلى أساليب الصفقات، والمسألة لا ترتبط بشخص ترامب كما يروج عالمياً حتى وكونه جيء به لأنه أفضلية في التعامل بهذا الخيار للرأسمالية في مشمول "الدولة العميقة".
حيث ما يُسمى "الشرق الأوسط الجديد" ربط بالأمن القومي لروسيا والصين، بل وبأهم مصالح البلدين الحيوية والاستراتيجية عالمياً فهذه حالة من صراع الذروة عالمياً التي لا تقبل معالجات ترامب كواجهة ولا إغراءات الرأسمالية الظاهر منها والخفي في آن.
وهنا كأنما يبدو أن نتنياهو وترامب والرأسمالية لا يعرفون كيف يواجهون المتغير والتغيير العالمي ولا حتى كيف يتعاملون معه، وكل ذلك تجسد في العدوان الأمريكي - الصهيوني الذي راهن على تغيير وإسقاط النظام في إيران ولم يتساءل على الأقل وماذا بعد؟ ثم ماذا عن موقف روسيا والصين؟ ومن يتصور أن مثل هذا يعالج بمعادن نفيسة أو بإغراءات الرأسمالية فهو لا يفهم سياسة، ويبني نتائج على تحليل سياسي مهترئ وضعيف.
المسألة لم تعد في هشاشة منطقة وضعفها، وذلك نعيه ونعرفه، ولكنها حالة وذروة صراع دولي يحتاج إلى توافق وليس معادن أوكرانية ولا إغراءات من الرأسمالية.
نعم، الصين وروسيا ومعهما إيران ومحور المقاومة إن لم تكن قادرة على إنهاء أو إفشال مشروع "الشرق الأوسط الجديد" فإنها بالتأكيد قادرة على تجميده الكامل عند السقف الذي وصل إليه، وليصبح قضية مفتوحة أو بين قضايا الصراع كما حالة أوكرانيا وتايوان وغيرها.
إني أثق أن نتنياهو وبعده ترامب والرأسمالية يفهمون كل هذا؛ ولكنه لا بديل لديهم أو معهم، وذلك يجعلهم يمارسون "البلطجة" في المنطقة وحتى على مستوى العالم، ولا أمل لديهم إلا أن يؤتى برجل من رحم وأوحال هذه "البلطجة"، فهل من وصف لنتنياهو وترامب ومن لف لفهما غير البلطجة، وهل "أمريكا الاستثنائية" هي "البلطجة الاستثنائية"؟!
المصدر مطهر الأشموري
زيارة جميع مقالات: مطهر الأشموري