كيفيةُ المجيء وحصادُه
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
العامُ الثامنُ من العدوانِ السعودي الأمريكي يوشكُ على الولوج ونحن مازلنا نمزقُه بصمودِ شعبِنا وثباتِ جيشِنا ولجانِنا بدونِ كللٍ أو مللٍ. ولكن بعدَ كلِ هذه السنواتِ علينا أن نستذكرَ كيف جاءَ هذا العدوانُ ولماذا جاء؟ وهل تحققَ ما ابتغوهُ أم لا؟
إنّ أولَ ما جاؤوا به هو المفاجأةُ في الهجومِ العسكري المسبوقِ بإعدادٍ وتخطيطٍ دام شهوراً، ودلائلُهُ مغادرةُ السفراءِ صنعاءَ قبلَها، موحياً بأنّ العدوانَ لم يكن ارتجالياً كما قيلَ أو فوراناً في نخوةِ التحالفِ الآسنة وغيرتِه على اليمنِ و«الشرعيةِ» المزعومة، ومؤشراً إلى أنّ السعوديةَ تحاولُ سلوكَ سكةِ الإمبرياليةِ كي تُفهرسَ اسمها في قاموسِ الإمبرياليين الجُددِ، غيرَ مدركةٍ للذي ستؤولُ إليه بعد بدءِ هذه الحرب، ولو كانَ فيها ذرةَ إدراكٍ لما أقبلَت على هذا..
وأيضاً بيانُ الحربِ الذي صِيغَ وأُعلنَ من واشنطن مُبيناً أن أمريكا هي المتحكمةِ بعجلةِ قيادةِ هذا العدوان، وواضعاً النقاطَ على الحروفِ في كيفيةِ اللعبِ وماهيةِ الهدف، حيثُ تمثلَ اللعبُ في تدميرِ البنيةِ التحتيةِ لبلادنا وإلحاقِ الأضرارِ بالمجتمعِ كلِه على منوالِ ضربِ أفغانستان والعراق، حتى يتمكنوا من بذرِ الخوفِ في صدورِنا كي ينبتَ استسلاماً منا فنصراً لهم، غير شاعرين بأن الخوفَ -الذي أجزموا بأنّهُ مفتاحُ التحكمِ علينا- لم يُخلقْ إلا ليُداسَ تحت أقدامِنا ويمرغَ على ترابِنا، وتأكيدُهُ ما أفصحتْ به أفواهُ بنادقِنا في شتى الساحاتِ المبسوطةِ تحتَ أكفِنا. ومما ينطوي تحتَ هذا الشيء هو سلطانُ الترغيبِ والترهيبِ المشبوعِ بمليارات الدولارات والمصحوبِ بتلك الهالاتِ الإعلاميةِ المتناثرةِ على معظمِ الكرةِ الأرضيةِ -إن لم يكن كلّها- المجهزةِ بأساطيل من المرجفين والمطبلين ذوي الدفعِ المسبقِ، علّهم يحققوا غايتَهم المنشودةِ التي لم ولن يحققوها، وهذا ما برهنتهُ السبعُ العجاف التي مرت.
وأيضاً أكثر ما أشعلَ حماسَهم في شنّ الحرب هو تنوعُ الأيديولوجيات الممتدةِ على الجغرافيا اليمنيةِ المُغذاةِ -من قبلهم وأعوانهم في الداخل من العملاء والخونة- على الحقدِ والكراهيةِ الناتجةِ من زرعِ الوهابيةِ بين ثنايا الشعبِ وتلونِها بهويتِه مع التركيزِ على محو هذه الهوية.
أما ماهيةُ الهدفِ منه فهي تهيئةُ المناخِ الملائمِ لزرعِ دعائمِ الاحتلالِ الأمريكي المتمثلِ في نهبِ الثرواتِ أولاً وبسطِ يدِ السيطرةِ على اليمنِ كونها ذات جغرافيا سياسية مهمة، خصوصاً الملاحة الدولية البحرية، وأيضاً كمصلحةِ أمنٍ قومي لـ«إسرائيل» (طفلة أمريكا) من ناحية بابِ المندب.
مع تراكمِ هذه الإمكانيات والأسبابِ وغيرها كثيرة إلا أنّها قُطعت على شفرات «جنابينا»، وفُتت على جلاميدِ عزتنا، وأحرقت بجحيم إبائنا، ومصيرُ مبتغاهم الفشل الموافق لمكرهم وظلمهم وطغيانهم.
فلتمر سبعةُ أعوام أو ثمانية أو حتى مائة عام، فهذا لن يثنينا أبداً. صحيحٌ أننا تعبنا من الحربِ، ولكنّا لم ولن نتعبَ من الكرامةِ بعد.

أترك تعليقاً

التعليقات