يمنُ الرسول ومولده
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
جئناك يا رسول الله كالأطفالِ حبواً، مثقلين بالمعاصي والذنوب، ومرجومين بأبشع الألفاظ بأننا كفرة ومبتدعة ومشركين! جئناك يا وجه الله وأنفسنا صخور لا يتخللها لذة مدام ولا جمال غيد ولم تهزها أوتار معبدٍ ولا نَفَسُ زرياب، حتى انساب حبك فيها فذابت وجلة هائمة ثملة يحركها نسيم ذكرك في كل وقت، وعظيم همنا أن نَصدُقك الحب عسى ألا ندخل في زمرة «من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، لأنك تعلم ما نُكنّهُ لك وما تُسرُّهُ أنفسنا.
وقفنا على بابك نتسولُ فتات عشقك وكل جوارحنا تندمل تعباً وتُعساً وأنت وحدك من يبلسمها. يا سيدي، الطريق إليك قريبة جداً؛ لكن ذنوبنا وحدها أبطأتنا إليك. يا سيدي، إنّا تائهون ولا بوصلة ترشدنا إلاك، فها نحن في ذكرى مولدك نلبيك طوافاً على كعبة روحك وهتافاً بالصلاة عليك وآلك! فيا منى خواطرنا امنحنا بعضاً من أنوارك عسانا نزداد بصيرة وعزماً وجهاداً!
يا سيدي، لقد خرجنا نحن اليمانيين ملايين في كل ساحة بكل محافظةٍ حرة لم تقيد باحتلال ولا مدعين إنكار البدع، ملأنا الساحات حباً وعشقاً وولاءً وتعظيماً وتعزيراً وتوقيراً لحضرة روحك التي لم ولن تغيب عنا. خرجنا إليك رجالاً ونساءً، شيوخاً وشباناً، مظلومين ومنتصرين، محاصرين وجائعين، طائعين لا مكرهين، مؤمنين بك موقنين، مُلبين وفرحين بك لا سواك في هذا اليوم. أتيناكَ ولم يأتِك أحدٌ في الدنيا بكلها مثلنا، وهذا غير خافٍ عليك وأنت من قلت: «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، ومن قلت: «أتاكم أهل اليمن كقطع السحاب هم خير أهل الأرض».
 يا سيدي يا رسول الله، إنّا نحتفي بك اليوم ونعظمك ونحن نقفُ على حافة التبديع والتكفير لأننا احتفينا بك وعظمناك، وعلى شفا الحرب والظلم والحصار لأننا اتخذناك ولياً وإماماً دون الطواغيت، ولأننا اتخذنا -كما أمرتنا- كتاب الله الكريم ومعه عترتك الطاهرة نهجاً ودرباً سوياً لا حنفٌ فيهما ولا ميل. وهذا يا سيدي ليس مَنّاً مِنا عليك ولا تفاخراً؛ ولكن ذلاً وخضوعاً إليك عسى أن تُظلّلنا بظلك يوم لا ينفع قريب ولا بعيد.
بك يا رسول الله ها نحن اليوم نستعين على من ظلمنا ودمرنا وسفك دمنا وفرق شملنا وهتك عرضنا وارتكب أبشع المنكرات فينا، نعم، فينا نحن القوم الذين قلت عنا: «هم مني وأنا منهم»، ولم يرعوا حرمتك فينا ولم يَعْقِلْهُم الحياء من جناب روحك المقدسة؛ لكن هذا ليس ببعيدٍ عن قرن الشيطان ومن خلفهم ممن ضُربت عليهم الذلة والمسكنة، ولعنوا في الحياة الدنيا والآخرة!!
يا سيدي يا رسول الله، نحن مازلنا كما عهدتنا، عاشقين لك مؤمنين لله بك، متخذين لتعزيرك وتوقيرك نوراً نبدد به ظلمات حياتنا، وناراً نحرق بها قش البؤس المُلقى في حياتنا، وجاعلين من النور الذي أنزل معك فرقداً يضيء كل نواحي الحياة، فقطعاً هذا كله وأنت قبله يُصيّرنا إلى الفلاح الذي وعدنا الله به.

أترك تعليقاً

التعليقات