هدنة بالاسم فقط
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
الهدنة الإنسانية في اليمن لاتزال تمشي على استحياء فتارة تقف وتارة تخطو وفي كل خطوة عثرة.. فليس هناك أي بند من البنود المزمع عليها تم تنفيذه كاملاً بل إن الأغلب لم ينفذ أساساً كالبنود المتعلقة بالملف الاقتصادي ومعضلة المرتبات على سبيل المثال، الأمر الذي يجعل عدم الثقة يزداد تغلغلاً بين طرفي النزاع المسلح في اليمن، إما طرف الشعب الذي تمثله حكومة صنعاء أو طرف الاحتلال الذي تمثله قوات التحالف ومن وراءها من الخارج أو من معها من المرتزقة والخونة في الداخل.
الهدنةُ وُقعت أول مرة بداية شهر أبريل المنصرم لشهرين ثم جددت مرتين في كل مرةٍ لشهرين، كانت تنص على وقف إطلاق النار وفتح مطار صنعاء جزئياً لرحلتين أسبوعياً إلى عمّان والقاهرة مع رفع الحصار عن سفن النفط الواصلة إلى ميناء الحديدة وعدم احتجازها، وأيضاً السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول وغيرها من النصوص التي لم تظهر أو أضيفت مؤخراً كشرط صرف الرواتب، حسب ما قاله محمد عبدالسلام، رئيس الوفد الوطني المفاوض عند مغادرته صنعاء مع الوفد العُماني الذي حضر اليمن والتقى السيد القائد ورئيس المجلس السياسي الأعلى.
عموماً، فترة التجديد الثالثة تكاد تنتهي ولم يطفُ على سطحها أيُ أملٍ أو أي شيء قد يكون بداية أملٍ فلاتزال الرحلات الجوية تعرقل ولم تصل إلى المستوى المنشود من الهدنة أو اللازم لمساعدة المرضى والطلاب والمغتربين في التنقل إلى الخارج أو العودة إلى الداخل.. ناهيك عن ملف الرواتب المحاط بالكُنه الذي يحتاج على ما يبدو إلى مكنونات شمس المعارف لتفسيره وفكفكته من قبل العدوان والمرتزقة الذين لم يدخروا جهداً في نهب الثروات اليمنية من النفط والغاز وغيرهما، وتوريد عائداتها إلى البنوك السعودية وصرفها في المصارف غير الصحيحة بينما موظفو الدولة يتضورون جوعاً.
أما سفن الوقود ومشتقاته -الملف الأبرز في الهدنة- فحدث ولا حرج فلا سفينة مرت دون تعسف احتجاز ولم يسلم الشعب من أزمات المشتقات النفطية وطوابير المساربة في محطات البنزين، لكن على ما يبدو أن السبب الراجح من هذا الاحتجاز هو قدوم المولد النبوي الشريف الذي يجسد فيه اليمانيون -سنوياً- عظمة حبهم لأعظم محبوب؛ رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، وفي هذا التوقيت من كل عام تبدأ دول العدوان بمنع دخول المشتقات النفطية إلى اليمن فتوجِد أزمة خانقة تمنياً منها على إبعاد اليمنيين عن احتفالهم بمعشوقهم، لكنهم يفشلون في كل مرة.. وفي هذا السياق حدثت واقعة تثير الضحك، فأثناء تصريحات شركة النفط بحجز المرتزقة لثمان سفن نفط علقت حكومة المرتزقة بأن هذه ليست إلا كذبة من كذبات «الحوثيين» لتصرح بعدها بيومين بأنها أفرجت عن أربع سفن استجابة لطلب الأمم المتحدة ليتضح من هو الصادق ومن هو الكاذب.
الهدنة في البداية جاءت تحمل أملاً للشعب اليمني، إلا أنها حالياً شيعته إلى دار الآخرة، فلم تضف شيئاً سوى زيادة التعرية للأمم المتحدة وإثبات فشلها على الواقع الذي تدعي فيه عدم الانحياز والذي يضمر بداخله الوقوف مع طرف الاحتلال والعدوان الذي يمثل أساساً التوجه الأمريكي والإرادة الأمريكية نحو اليمن واليمنيين.

أترك تعليقاً

التعليقات