ثورة وبعد
 

توفيق هزمل

توفيق هزمل / لا ميديا -
ثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر لم تكن ثورة تقليدية لإسقاط نظام سياسي سواء نظام ملكي أو جمهوملكي، بل كانت بالأساس ثورة تحرر واستقلال من الوصاية والامتهان لليمن أرضا وانسان؛ لذا ووجهت الثورة بردة فعل عنيفة من دول الوصاية والاستعمار الحديث تمثلت في إعلان «عاصفة الحزم» التي أطلقها الأمريكان بأدوات الوكلاء الإقليميين وهو الأمر الذي دفع الشعب للتحول إلى الكفاح المسلح بعد أن تمكن الوكلاء المحليون من تدمير قدرات الجيش اليمني وتفكيك أجهزة الأمن لإسقاط اليمن تحت براثن «الفوضى الخلاقة».
وما كانت تظنه قوى الهيمنة والوصاية نزهة في بلد فاقد كل مقومات القوة سواء العسكرية أو المادية أو السياسية تحول إلى كابوس طويل غير مجرى الأحداث المحلية والإقليمية وغير حتى في الاستراتيجيات العسكرية التي أسستها الحروب العالمية؛ فبدون غطاء جوي وقوات مدرعة وهيكلية عسكرية نظامية كان يستحيل خوض المعارك نظريا وكان الخيار التقليدي هو خيار حرب العصابات والاستنزاف وحرب الكر والفر.
ولكن الشعب اليمني بقيادة السيد القائد طور أول مدرسة عسكرية في التاريخ جمعت بين المدرسة العسكرية الكلاسيكية ومفهوم حرب العصابات؛ وهو الأمر الذي فاجأ تحالف العدوان وخلط أوراقه وأسقط حساباته وخططه ليسقط في فخ استنزاف مهلك لمقدراته العسكرية، بل تجاوز الأمر إلى تهديد اقتصاده وموارده النفطية وحركة الملاحة البحرية.
وأصبحت المدرسة العسكرية اليمنية مصدرا لإلهام الدول الكبرى في صراعاتها، وقد كانت الحرب الروسية الأوكرانية أكبر مثال على محاكاة العسكرية اليمنية من خلال اعتمادها على خطوط دفاعية ثابتة لإجهاد القوات المهاجمة ومن ثم القيام بهجمات مرتدة وكذا استخدام سلاح المسيرات والصواريخ لاستهداف الخطوط الخلفية للعدو.
وفي السنة التاسعة من الصمود خرجت جحافل رمزية من القوات اليمنية التي تم تأسيسها من صفر الإمكانيات والقدرات لتظهر للعالم عنقاء اليمن التي خرجت من تحت رماد العدوان كأن لم تمسسها نار الحرب مستعرضة آخر إنتاجات الصناعة الحربية اليمنية والتي أسست من الصفر حرفيا.
أعتقد أن دول العدوان والعالم قد وصلا إلى مرحلة اليقين بأن الشعب اليمني لا يهزم وأن أرض اليمن هي المقبرة التاريخية لكل الغزاة مهما امتلكوا من قوة.
ونحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة من المعارك الأخطر والأكبر وهي معركة البناء والإدارة والاقتصاد والتنمية، وللأسف الشديد فإن التاريخ والحاضر اليمني يشهدان بأن اليمنيين يفشلون دوما في المعارك الباردة إذ يفقدون روح الحماس الثورية لتحل محلها روح الفيد والمصالح الشخصية والقبلية والمناطقية.
ورهاننا الوحيد أمام التحدي القادم هو على الله والسيد القائد، فهل يحقق اليمنيين معجزتهم مرتين لينتصروا في الحرب والسلام ومعركة البناء أم يعيد التاريخ نفسه لنضيع بالسلام ما حصدته جماجم ودماء الأبطال من انتصارات في حرب الثمانية أعوام؟
نسأل الله أن يعين قائدنا على تغيير مجرى التاريخ، وأن يعيد بجهود ومساعدة كل الشرفاء بناء الحضارة اليمنية التي تليق باليمن أرض الإيمان والحكمة..

أترك تعليقاً

التعليقات