اليمن قوة أخلاقية عالمية
- توفيق هزمل السبت , 20 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:40:13 AM
- 0 تعليقات
توفيق هزمل / لا ميديا -
الموقف اليمني الصامد في مساندة غزة رغم المعاناة والفقر والخسائر والتضحيات، حوّل اليمن إلى قوة أخلاقية مثالية في العقل الجمعي لأغلب الشعوب حول العالم.
إن القيمة الأخلاقية الرفيعة في مختلف الثقافات والحضارات حول العالم كانت دوماً تمثل في رمزية البطل الفقير الذي يواجه المجرمين الأقوياء والأثرياء لمساعدة الضعفاء. ولن تجد أسطورة أو رواية عالمية أو فيلم سينمائي أو عمل مسرحي أو أغانٍ تتطرق للمثل الأخلاقية العليا وللصراع بين قوى الشر والخير إلا تستلهم الفكرة نفسها: "البطل الشجاع الفقير كرمز للخير، يواجه الأثرياء الأقوياء المستبدين كرمز للشر"، حتى تحولت الفكرة إلى جزء من التراث الديني للكثير من الأديان والمعتقدات التي تبشر بظهور رمز الخير المخلص الذي سينقذ البشرية من الظلم والطغيان.
اليمن أصبح تجسيداً للأسطورة والقيم والمثل العليا، وتحوّل إلى قوة أخلاقية عالمية لها وزنها، وهذا ما سبب حالة من الفزع في الأوساط الصهيونية، سواء العالمية أو العربية والإسلامية؛ إذ إن مواجهة قوة الخير المتمثلة في اليمن له ثمن أخلاقي باهظ ومؤذٍ لشعبية النظم السياسية الصهيونية. لذا تعمل الصهيونية على مستويين في مواجهة اليمن:
الأول: المستوى الاقتصادي، من خلال خنق الاقتصاد اليمني إلى مستويات تمس الاستقرار الغذائي للشعب اليمني بالتزامن مع حملة تحريض داخلية شرسة لتحريك الشارع، وبالتالي خلق مواجهة دموية تفقد اليمن قوته الأخلاقية في أنظار العالم.
المستوى الثاني: محاولة بناء سرديات "تشيطن" اليمن، من خلال محاولة ربط اليمن بـ"الحركات التكفيرية الإرهابية"، أو من خلال بناء سردية أن "اليمن يسعى أو يمتلك أسلحة دمار شامل؛ مثل الأسلحة الكيماوية".
هذه السرديات تبنى بشكل هادئ، والبداية من خلال تقارير صحفية في صحف أو مواقع عالمية، ثم سيتم نقلها إلى مستوى رسمي من خلال بعض المنظمات الدولية التي ستعرب عن قلقها من التقارير التي تتحدث عن علاقة اليمن بالإرهاب العالمي أو امتلاكه لأسلحة كيماوية أو قنابل قذرة، بعدها سيتم الانتقال إلى مرحلة الفرق الفنية المتخصصة التي ستصدر تقارير عن وجود مؤشرات أو دلائل على تطوير اليمن برنامجاً للسلاح الكيميائي.
بعدها تنتقل إلى المستوى السياسي من خلال الحديث عن ضرورة التفتيش عن هذه الأسلحة أو مراكز صناعتها وتخزينها، شيء مشابه لما فعلوه في العراق وسورية، ثم تنتقل إلى مرحلة "الشيطنة الشاملة" من خلال افتعال معركة داخلية، سواء في تعز أو مأرب أو مناطق في الجنوب، ثم ضرب هذه المناطق بأسلحة كيماوية، مع تغطية شاملة من الماكينة الإعلامية الصهيونية العالمية والعربية لتصوير ضحايا الهجمات بأسلحة محرمة دولياً.
هناك يصبح التصعيد المباشر مع اليمن مبرراً وأخلاقياً من ناحية، ومن ناحية أخرى يتم تدمير القوة الأخلاقية لليمن.
الآن، نحن محصنون بالقوة الأخلاقية، ولا أحد يتوهم أن أمريكا وأوروبا تراجعت فقط بسبب قوة صواريخنا، بل السبب الأهم أننا أصبحنا قوة أخلاقية عالمية، الدخول في مواجهة مفتوحة معها مُكلّف، وقد يؤدي إلى إسقاط أنظمة وحكومات وضرر أخلاقي وسياسي يصعب إصلاحه.
المصدر توفيق هزمل
زيارة جميع مقالات: توفيق هزمل