الطريق إلى التغيير الجذري
 

توفيق هزمل

توفيق هزمل / لا ميديا -
الدولة أو الوطن مكون من ثلاثة أقسام: الجغرافيا والموارد، والسكان أو الشعب، والجهاز التنظيمي أو السلطة الحاكمة.
يحدث الخلل في الدول عندما تختل علاقة التفاعل بين مكوناتها، فالشعب يجب أن يتفاعل مع الجغرافيا سكنا وعمرانا وزراعة وصناعة وخدمات.. إلخ، والجهاز التنظيمي يجب أن يتفاعل مع الشعب والجغرافيا من خلال تنظيم عملية التفاعل بين الشعب والجغرافيا ومختلف قطاعاته الإنتاجية.
في بلدنا هناك خلل جوهري في العلاقة أو التفاعل بين مكونات الدولة، فلدينا جغرافيا غنية بالموارد، ولدينا كتلة سكانية كبيرة ونشطة للقيام بمختلف الأعمال ولكنها لا تتفاعل مع الجغرافيا بشكل سليم، ولدينا سلطة لا تستوعب دورها التنظيمي فلديها اختلالات أو تشوهات قانونية وتشريعية وهيكلية ولديها جهاز إداري متضخم أو مترهل يفتقد الخبرات والكفاءات.
وبذلك أصبحت السلطة عبئا على الجغرافيا والسكان وينحصر دورها في الجبايات لتغطية احتياجات جهازها الإداري المترهل.
لذا فالتغيير الجذري يقتضي بلورة نظرية للحكم ومن ثم وضع استراتيجية وطنية للتغيير يشارك في إعدادها مختلف النخب والخبرات والكفاءات الوطنية؛ وتتضمن هذه الاستراتيجية وضع خطة شاملة للإصلاح التشريعي والقانوني والهيكلي والإداري والمالي والموارد البشرية.. إلخ.
بعد ذلك يقوم مجموعة من المختصين في مختلف المجالات كلا في مجاله بوضع الخطط التنفيذية للاستراتيجية بطريقة مرحلية مزمنة بحيث تراعي الظروف والإمكانيات في مختلف مراحل تنفيذها.
ثم يصار إلى تشكيل مجلس وطني من الحكماء وأصحاب الخبرة والكفاءات للإشراف والتقييم والرقابة على مراحل التنفيذ ومدى كفاءة تنفيذها ضمن حدودها الزمنية المقرة وإجراء التعديلات على الخطط التنفيذية بما يتواءم مع الواقع لضمان الاستمرارية.
الجهاز التنظيمي أو السلطة ليست مجرد رئاسة وهياكل ديكورية وقوة عسكرية وأمنية تضمن لها استتباب الهيمنة والسيادة فاستتباب الهيمنة والسيادة وإن كان شرطا لازما ووسيلة لقيام السلطة بدورها التنظيمي المتمثل في تنظيم العلاقة بين السكان والجغرافيا، إلا أن الهيمنة ليست غاية بحد ذاتها بل وسيلة لتهيئة البيئة المناسبة للوصول الى غايتها ووظيفتها أي دورها التنظيمي.
آن الأوان للبدء في التغيير الجذري عبر إعادة بناء جهاز تنظيمي حقيقي والتخلص من الدولة الكرتونية الشكلية وإعادة تعريف العلاقة بين مكونات الدولة وطريقة تفاعلها فيما بينها.
تنويه: العورة أو الرؤية الوطنية عبارة عن مهزلة مكلفة كان الهدف منها خلق انطباع كاذب أن هناك مشروعا حقيقيا للتغيير لذا يجب التخلص منها ورميها في سلة المهملات كبادرة حسن نية لوجود مصداقية ونية في التغيير الجذري.
والله من وراء القصد.

أترك تعليقاً

التعليقات