أمين العباسي

أمين العباسي / لا ميديا -
اتسم القرن العشرين بتكوين تجمعات اقتصادية فاعلة، بأهداف مرسومة وخطط مدروسة، وبرامج بعيدة ومتوسطة وقصيرة الآجال، حسب ما تقتضيه الأهداف العامة والنوعية لتلك التجمعات. عقب الحرب العالمية الثانية ظهر أول الأشكال التنظيمية المنظمة لهكذا تجمعات، وكانت منظومة «بروتن وودز» وما تفرع عنها وانبثق منها من كيانات تنظيمية، كمجموعة الأمم المتحدة، والبنك وصندوق النقد الدوليين، هي الأكثـر حضورا وفعلا، ومازالت، رغم قيام كيانات أخرى فاعلة وحيوية، منها على سبيل المثال: منظمة «بلدربيرج» أو (Bilderberg Group) أو نادي بلدربيرج، وهو عبارة عن مؤتمر سنوي تأسس في العام 1954 لتعزيز التعاون الأطلسي والحوار بين أوروبا وأمريكا الشمالية، وكذا «اللجنة الثلاثية»، وهي مجموعة نقاش حول قضايا سياسية واقتصادية بين أمريكا الشمالية واليابان وأوروبا أسسها الثلاثة الكبار في الاقتصاد والسياسة الخارجية الأمريكية، حيث يعد ديفيد روكفلر عقل أمريكا الاقتصادي، ومؤسس الكثير من خططها ومشاريعها الاقتصادية داخل وخارج أمريكا..
وهو حفيد أول ملياردير عالمي (جون دافيسون روكفلر)، بالإضافة إلى كل من هنري كيسنجر وزبغنيو بريجنيسكي، وزيري الخارجية ومستشاري الأمن القومي في أمريكا لفترات متعددة ومختلفة.
كما تشير بعض الوثائق إلى شخصية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، صاحب الحضور والتأثير الدوليين في الفكر والسياسة والسلام. هناك أيضا «منتدى دافوس الاقتصادي» ومنتدى أو «رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي»، وحتى «مجموعة عدم الانحياز» وأصبحت «حركة عدم الانحياز (Non-Aligned Movement) التي نشأت مناقضة في بادئ الأمر لمنظومة «برايتون وودز» الاستعمارية، بين المناهضة من ناحية والمحايدة من ناحية أخرى لطرفي صراع ما بعد الحرب العالمية الثانية (روسيا وأمريكا)، وكانت تكتلاً اقتصادياً قبل أن تكون تجمعاً سياسياً.
على مساق آخر تشكلت مجموعة الـ77 التنموية، من بلدان نامية حاولت أن يكون لها صوت موازٍ في أروقة الأمم المتحدة، يعبر عن مصالحها ويدافع عن قضاياها. وكان إعلان الجزائر -التي احتضنت أولى قمم هذا التجمع- واضحاً وصريحاً حيال قضايا الدول المنتمية إليه.
ولا يقف الحال عند تلك الكيانات والتجمعات المذكورة، بل إن هناك الكثير والكثير من الكيانات والتجمعات والتشكيلات الناظمة للفعل والأداء الاقتصاديين لدول ما بعد الحرب.
تتالى ظهور كيانات اقتصادية إقليمية كالاتحاد الأوروبي (European Union)، منظمة التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية (NAFTA)، رابطة جنوب شرق أسيا (ASEAN)، السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية (MERCOSUR)، الاتحاد المغاربي (UMA)، منظمة التجارة الحرة لدول البلطيق (BAFTA)، كومنولث الدول المستقلة (CIS)، المجموعة الأوروبية للتجارة الحرة (EFTA)، المجموعة الاقتصادية الأوروأسيوية (EAEC)، مجموعة «البريكس» التي أصبحت تنافس منظومة «برايتون وودز»، وفي القلب منها المجموعة الصناعية، وحققت إنجازات اقتصادية وسياسية في وقت قياسي منذ تأسيسها في العام 2013.
وتعد مجموعة العشرين واحدة من تلك التجمعات، وظهرت للوجود في اللحظات الأخيرة من أفول القرن العشرين (في العام 1999)، حيث كان أول التنبّؤات بميلاد المجموعة في قمة كولون لمجموعة الدول الصناعية السبع، في حزيران/ يونيو 1999، وأُسّست رسمياً في اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول الصناعية السبع في 26 أيلول/ سبتمبر 1999، وقُرّر أن يكون الاجتماع الافتتاحي يومي 15 و16 كانون الأول/ ديسمبر 1999، في برلين، في ضيافة ألمانيا ووزير ماليتها، هانز إيشيل، واختير وزير المالية الكندي، بول مارتن، كأول رئيس لهذا الاجتماع، وفترة عمل المجموعة اللاحقة لعام قادم.
أكد تقرير صادر عن معهد «بروكينغز» في العام 2004 أعده كل من «كولن آي برافورد» و»يوهانس إف لين»، أن المجموعة تأسست في الأصل بمبادرة مقترحة من وزير المالية الألماني، هانز إيشيل، الذي كان يرأس مجموعة السبع آنذاك.
في تقرير منفرد، عاد المستشار المالي برادفورد ليصف وزير المالية الكندي ورئيس وزرائها لاحقا، بول مارتن، بأنه المهندس والعراب الاستراتيجي لقيام المجموعة على مستوى وزراء المالية. وأردف في تقريره أن بول مارتن هو ذاته الذي اقترح بعد ذلك انتقال دول المجموعة إلى عقد قممها على مستوى قادة الدول.
في سياق موازٍ أشارت مصادر كندية متعددة إلى أن مشروع مجموعة العشرين هو مشروع بدأه وزير المالية الكندي بول مارتن، وأنهاه وزير الخزانة الأمريكي لورانس سامرز.
تقارير أخرى مختلفة ومتعددة المصادر والمسارات تؤكد مضمون ما ورد في هذا التوصيف، وتقول بأن فكرة مجموعة العشرين خامرت ذهني مارتن وسامرز كاستجابة لسلسلة أزمة الديون الهائلة التي انتشرت عبر الأسواق الناشئة في أواخر التسعينيات، بدءاً من أزمة البيزو المكسيكية، ثم الأزمة المالية الأسيوية لمجموعة النمور في العام 1997، والأزمة المالية الروسية في العام 1998، وهو ما أثر بصور مباشرة وغير مباشرة على العديد من قطاعات الاستثمار والإنتاج في الدول الغربية، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا، وباقي الدول السبع، بدرجات متفاوتة ونسبية.
وكما قيل في بعض الوثائق والتقارير المشار إليها وغيرها، رأى مارتن وسامرز أنه في عالم العولمة سريعة الإيقاعات على مستوى الفعل والحركة والأنشطة والنتائج لن تتمكن مجموعتا الدول السبع والثماني، وكذا نظام «برايتون وودز»، من توفير الاستقرار المالي. وبعد مداولات وتحليلات على مستويات عدة ومختلفة، مهنية وأمنية سرية وعلنية، خلصوا إلى تصور جديد ومبادرة فذة -بحسب البعض- لتجمع جديد وأوسع نطاقاً يضم اقتصادات عالمية كبرى من شأنها أن تعطي صوتاً وأدواراً ومسؤوليات جديدة وناجعة. فكان أن وضعت قائمة نهائية بأكبر عشرين اقتصاداً في العالم، بناء على سلسلة من الشروط والمعايير الفاحصة، بعد عدد من القوائم الموسعة، المقترحة سلفا، والتي شكلت قائمة مجموعة العشرين خلاصة خلاصاتها، كما سرب فيما بعد.
مجموعة العشرين (Group Of Twenty) هي عبارة عن منتدى اقتصادي دولي يجمع رؤساء حكومات ومحافظي بنوك مركزية، ولاحقا رؤساء وملوكاً، من حوالى عشرين دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وأخيرا الاتحاد الأفريقي الذي أُقرّت عضويته في آخر اجتماع للمجموعة في العاصمة الهندية نيودلهي في أيلول/ سبتمبر 2023.
نظرا للأهمية التي باتت تشكلها المجموعة، التي تضم في عضويتها أقوى عشرين اقتصادا في العالم، ومع تزايد مكانتها وحضورها دوليا، وبالذات بعد قمة 2008، أعلن قادة المجموعة في 25 أيلول/ سبتمبر 2009، أن المجموعة ستحل محل مجموعة الثماني الصناعية، باعتبارها المجلس الاقتصادي الرئيسي للدول الغنية. لكن ذلك لم يعدُ كونه إعلاناً فقط، ولم يتجاوز ذلك إلى الفعل والنشاط والأدوار التي تتمتع بها وتمارسها مجموعة السبع أو الثماني الصناعيتين.
منذ مرحلة تأسيسها في العام 1999 كانت المجموعة تعقد اجتماعاتها بصورة دورية سنوية إلى حد ما، على مستوى وزراء المالية ومحافظي البنوك ووزراء الخارجية، وأحيانا على مستوى بعض الوزارات ومجالسها المتخصصة، كوزارات السياحة أو الطاقة أو البيئة أو الزراعة وغيرها من مجالس الوزارات ذات العلاقة الفنية والمهنية. غير أنه وبعد العام 2008 بدأت دالة الاجتماعات في التغير نسبياً أيضاً حسب ما تقتضيه وتفرضه مصالح الدول الكبرى المسيّرة لدفة قيادة المجموعة، حيث عقدت في العامين 2009 و2010 قمتين لكل عام على مستوى رؤساء دول المجموعة، وجاءت هاتان القمتان عقب أزمة الديون الخانقة لعدد من المؤسسات في أمريكا وبعض دول الاتحاد الأوروبي في العام 2008، حد خروج رئيس الوزراء البريطاني حينها ديفد كاميرون بمخاطبة دول العالم ذات الوفرة المالية، ومنها مجموعة العشرين، بتحمل مسؤولياتها إزاء الأزمة كما وصفت، وفُهم من هذا أن السبع الصناعية تخطط لمصادرة ولو جزء من فائض أموال المجموعة التي لديها في بنوك الغرب الإمبريالي.

كانت تلك القمم الأربع -ومازالت- محل تخرصات كثيرة، حول الأسباب والدوافع والأهداف التي تقف وراء عقد تلك الاجتماعات مرتين في السنة على مستوى الرؤساء، وفي سنتين متتاليتين، رغم أن كافة اجتماعات المجموعة السابقة لهذا التاريخ كانت تعقد على مستوى وزراء، وإن تعدته فعلى مستوى رؤساء حكومات فقط.
تحليلات وتقارير متابعة كثيرة ومتعددة تقول إن الهدف الرئيس وراء هذا التحول (الاجتماعات على مستوى الزعامات) هو محاولة الدول المهيمنة والمستفيدة بدرجة رئيسية من هذا التجمع انتزاع قرار استراتيجي يمكنها من وضع أيديها على الوفرة المالية لبقية دول أعضاء المجموعة، بغية سد فجوات التمويل الطارئة والمتكررة لبعض مؤسسات الإنتاج والاستثمار في الغرب، التي تعرضت لخضات مالية كبيرة، حد استعداد بعض هذه المؤسسات لإعلان إفلاسها، لولا أن أُوعز لها بعض هوامير السياسة والاقتصاد العالميين عدم الإقدام على ذلك، لما سيترتب عليه من تبعات غير محمودة، ومطالبتهم بالتريّث القصير وانتظار حلول مبتكرة قريبة، بقدر عال من الجزم والثقة بذلك وحياله. وبالفعل فقد انفرجت أزمة ديون كثير من مؤسسات الاستثمار الغربية عقب إجراءات مجموعة العشرين المشار إليها آنفا.
يعمل هذا المنتدى –زعماً، وكتجمع اقتصادي أولاً– على تعزيز الاستقرار المالي الدولي، من خلال مناقشة السياسات المتعلقة بذلك، كما في وثائق إنشائه. والواضح الجلي من تلك الوثائق أن هذا التكتل عبارة عن صندوق نقد احتياطي لتمويل مؤسسات الإنتاج الغربية، وبالذات المفلسة أو التي أوشكت على الإفلاس. تضم هذه المجموعة في عضويتها عشرين دولة موزعة قارياً على النحو التالي:
• آسيا ممثلة بست دول: الصين، الهند، السعودية، اليابان، إندونيسيا، وكوريا الجنوبية.
• أوروبا ممثلة بخمس دول: بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، وإسبانيا كحضور شرفي حتى الآن، مضافاً إليها الاتحاد الأوروبي. بالنسبة لبريطانيا بعد البريكست أصبحت تمثل نفسها فقط.
• أمريكا الشمالية ممثلة بثلاث دول: الولايات المتحدة ، كندا، والمكسيك.
• أمريكا الجنوبية ممثلة بدولتين: الأرجنتين، والبرازيل.
• أفريقيا ممثلة بدولة واحدة فقط: جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، الذي وافقت وأقرت قمة نيودلهي الهندية الأخيرة طلب عضويته في المجموعة، ولم تحدد كيفية أدائه ومشاركته بعد على غرار الاتحاد الأوروبي.
• أستراليا الدولة ممثلة لنفسها وللقارة.
• وختاما تركيا الأناضول، المعلقة بين أوروبا وغرب آسيا، مخلخلة الموقف والجغرافيا.
إلى جانب التوزيع القاري الجغرافي لعضوية مجموعة العشرين، هناك توزيعات أخرى ذات أهمية إحصائية ومعلوماتية، تفيد في التصنيف الاستراتيجي لدول المجموعة من حيث: طبيعة النظم السياسية، والموارد الطبيعية والبشرية، والأدوار السياسية والاقتصادية، والموقع والموضع وما يرتبط بهما من تحولات مناخية ذات تأثير مباشر وغير مباشر على الموارد الطبيعية والبشرية، من حيث الجودة والوفرة والأداء وكثافة السكان.
ومن حيث طبيعة النظم السياسية للمجموعة فإنها تصنف إلى:
نظام فيدرالي واحد: 16 جمهورية، منها 7 جمهوريات اتحادية، جمهورية شعبية واحدة هي الصين، و3 ممالك، منها ملكية مطلقة واحدة هي السعودية. أما من حيث التجمعات الدولية فإن دول المجموعة توزع إلى 4 دول من الاتحاد الأوروبي، 3 دول من منظمات الاتحاد الإسلامي، دولتين من السوق المشتركة، و3 دول من النافتا (اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية)، وتوزع دول المجموعة إلى خمس مجموعات فرعية حسب دوران مقعد القيادة. هذا بالإضافة إلى سلسلة إجراءات داخلية تتعلق بالتنظيم الداخلي الناظم لسير أداء المجموعة مفصلا حسب حجم الدول وحظوتها وسيطرتها وحضورها الدولي وتأثيراتها التابعة والنابعة من قوتها العسكرية أولاً والاقتصادية ثانياً.
بحسب تقارير اقتصادية مختلفة فإن اقتصاد الدول الأعضاء المنخرطة في مجموعة العشرين يمثل حوالى 85% من إجمالي الناتج العالمي، و75% من التجارة العالمية، وثلثي سكان العالم، وحوالى نصف مساحة اليابسة القارية للأرض.
على المستوى الوظيفي والأدوار السياسية والاقتصادية التي تضطلع بها المجموعة، هناك نوع من المراوبة والمخاتلة الواضحة للباحث المتتبع، ففي الوقت الذي تروج فيه المجموعة والنافذون فيها أفكاراً ومبادرات وبرامج ذات أبعاد وطبائع إنسانية تفاعلية تستهدف مساندة جهود دولية وإقليمية ووطنية داعمة ومحققة لأهداف الألفية وأهداف التنمية المستدامة، وغيرها من الأهداف ذات الطبيعة الإنسانية المؤدية إلى استقرار النظامين الاقتصادي والسياسي للمجتمع البشري، من خلال الحد من الفقر ودعم برامج التنمية الوطنية والمحلية للدول الفقيرة، محدودة التنمية والموارد والقدرات، وغيرها الكثير من الشعارات المعلنة؛ تسعى القوى المتحكمة بإرادة المجموعة إلى فرض واقع ينطوي على ترتيبات وممارسات أخرى، تصب بصور مباشرة وغير مباشرة في مصلحة الدول المسيطرة، وعلى رأسها مجموعة السبع الصناعية.
غير هذا وقبله هناك صراع بين بعض دول المجموعة، أبرزها خلافات الصين والهند الحدودية طويلة الأمد، والتي زادت حدتها بعدما أقدمت بكين على إصدار خرائط تدعي من خلالها أن ولاية «أروناتشال براديش» وهضبة «أكساي تشين» هي أراض صينية. هذا الصراع بالذات يحضر كذلك في مجموعة «البريكس» بين الدولتين الجارتين وبأبعاد متفاوتة الآثار والنتائج.
هناك تكهنات تقارب الحقائق أن دول السبع وراء هذا الصراع وغيره بين بعض الدول في بعض التكتلات الاقتصادية، والأمثلة كثيرة وواضحة كما تشير بعض التقارير. في القمة الأخيرة في دلهي، مثّل الصين ورأس وفدها رئيس مجلس الدولة، لي تشيانغ، كما رأس وفد روسيا وزير الخارجية سيرغي لافروف. ومن إيجابيات هذه القمة بحسب المراقبين موافقة دولها بالإجماع على الإعلان المشترك رسميا، دون تسجيل أي مذكرة اعتراض.
وقالت الصين إن الإعلان ذاك أرسل إشارات إيجابية إلى العالم وعكس وجهة نظرها حول القضايا المتناولة في القمة، وكذلك روسيا، حيث تجنبت القمة إدانة روسيا من قريب أو بعيد، كما حصل في قمة العام 2014 في بريزبين بأستراليا، أو في قمة 2022 في بالي بإندونيسيا. في دلهي تم إعلان مسارات اقتصادية بين الهند ودول عربية تم التفاهم حولها بين السعودية والهند، ولم تعط تفاصيل كافية حول هذه المسارات، واستراتيجياتها، وآلياتها التنفيذية؛ غير أن المراقبين يرون في هذا نقيضاً لمشروع الصين المعلن عنه في 2013 والمعروف بمبادرة «الحزام والطريق»، والذي كان يستهدف ربط الصين بأفريقيا وباقي الجغرافيا العالمية من خلال المنطقة العربية، وبالذات شبه الجزيرة العربية.
وركزت مبادرة «الحزام والطريق» على موانئ استراتيجية وتاريخية في المنطقة، على رأسها ميناءي السويس في مصر والحمدانية في الجزائر. لكن مشروع الممرات الاقتصادية المعلن عنه في دلهي سيعيق ذلك ولو مؤقتا، بحسب بعض المراقبين.
هذه الظاهرة (التكتلات الاقتصادية) ليست حديثة كما أسلفت، بل تعود نماذجها الأولية إلى بدايات القرن العشرين، حيث فرضتها ضرورات مرحلية لدى بعض الدول، تمثلت في الحاجة إلى تنويع الموارد، وتبادل الخبرات والأيدي العاملة، وخلق أطر تنسيقية وتشريعية وتخطيطية مشتركة تلبي متطلبات الدول الأعضاء، وتحقق أهدافها المرجوة من وراء الانخراط في التكتلات تلك. وربما أن اتحاد النمسا وليختنشتاين الجمركي هو أول وأقدم ظاهرة تجمع اقتصادي حديث، وإن بصيغة بدائية أولية.

أترك تعليقاً

التعليقات