قطاع النقل..بداية ومآل
 

أمين العباسي

أمين العباسي / لا ميديا -
قبل فترة أحيلت إلي في مقر عملي بوزارة النقل ورقة تتضمن بعض الأسئلة وصفت بأنها استطلاع لصحيفة “صوت الأمل” تصدر عن مركز “يمن إنفورميشن”.
باستثناء سؤالي التحديات التي تواجه قطاع النقل، ونسبة الأيدي العاملة فيه، فإن كافة الأسئلة الأخرى الواردة طي استطلاع الصحيفة المشار إليها سلفا متشابهة، ولا تنم عن مهنية صحفية، وهو ما يؤكد غياب هذا القطاع عن أضواء الإعلام، وعدسات كاميراته من ناحية، ومن ناحية أخرى، يثبت أن هناك إعلاما هامشيا، غير جاد، لا يتقصى المعلومات، ولا يمتلك مستوى مهنيا ومعرفيا يمكّنه من تقديم ذاته، بصورة جدية واثقة، وهو ما ينعكس على أدائه في صياغة أفكاره ورؤاه، وكذا تصوراته الإعلامية، ومن ثم أسئلته الصحفية التي يستطلع بها الآراء، أو يعقد بها التحقيقات، حول أي موضوع أو قضية.
عموماً، لزم الرد على تلك الأسئلة إجمالا باستثناء السؤالين المشار إليهما آنفا، بغية تقديم صورة موضوعية، واقعية عن هذا القطاع.
النقل شريان حياة المجتمعات البشرية، وهو عامل أساسي وحيوي في تطوير الاقتصاد، باعتباره وسيلة استراتيجية في نقل البضائع والركاب وتسهيل وصول الخدمات بين مختلف البلدان، على مستوى الأقطار خارجيا، وداخليا على مستوى المدن والبلدات، وهو بهذه الصورة، وعلى هذا النحو عامل استراتيجي في تعزيز نمو وتطور الاقتصاد الوطني لأي بلد، واليمن كغيره من البلدان يستند اقتصاده مباشرة وعمليا على حجم شبكة النقل الداخلية والخارجية، حيث تربط الأولى المجتمعات المحلية ببعضها، فيما تجعل الثانية البلد على اتصال مستمر مع العالم. والنقل على اختلاف أنماطه، يسهل إيصال الخدمات والأيدي العاملة إلى المراكز الحضرية، ومواقع الإنتاج بزمن قياسي اعتمادا على بناه التحتية، وحجم تطوره وجودة خدماته.
هناك فرع في علم الاقتصاد يعرف باقتصاد النقل، يدرس هذا الفرع من علم الاقتصاد كل ما يتعلق باقتصاد النقل من خدمات وعوائد وتطوير بنى تحتية وفوقية وجودة أداء وشمول جغرافي، وهو يسهم في وضع كافة التصورات لتطوير قطاع النقل بما يحقق ويدعم تنمية الاقتصاد، وينجز أهدافه. وهذا يعني أن النقل قاعدة وأساس التطور الاقتصادي، فمهما بلغ حجم الإنتاج ونوعه فلا قيمة له دون خطوط نقل رابطة بين مراكز الإنتاج وأسواق العرض ونقاط الاستهلاك، والنقل بهذه الكيفية يتكئ على قاعدة العرض والطلب كما هو حال القطاعات الإنتاجية الأخرى لأي نظام اقتصادي. وكما أن النقل وسيلة وشبكة إمداد وتغذية بين مواقع الإنتاج وبؤر التوزيع والاستهلاك كبنية تحتية لكافة القطاعات الاقتصادية وتطورها، هو كذلك اقتصاد مستقل بذاته، حيث يفترض به أن ينهض على قاعدة استثمار كبيرة، كقطاع إنتاجي له سياسته وخصوصياته، تخطيطا وبرمجة، يعود على البلاد بمداخيل نقدية وفيرة، تجعله أحد أهم القطاعات الاقتصادية الرافدة للخزينة العامة.
يقول الاقتصادي البريطاني ألفريد مارشال: الحقيقة الاقتصادية السائدة في عصرنا ليست التطور الصناعي، بل التسهيلات التي يقدمها النقل. قطاع النقل في أنماطه الثلاثة: البحرية، والبرية، والجوية، يعد قطاعا استراتيجيا شاملا وحاضرا في صلب القطاعات الإنتاجية الأخرى التي تعتمد عليه اعتمادا كليا وفاعلا في نقل منتجاتها، من مواقع الإنتاج إلى بؤر العرض والتوزيع، والاستهلاك في كل بلد على ظهر الكوكب وتزويدها كذلك بتغذية مرتدة بكل ما تحتاجه من وسائل، ومواد أولية وأساسية لازمة لعملها، وقطع غيار وصيانة. وهو بهذه الحالة، يمثل قاعدة، ورافعة التنمية الحديثة الشاملة، والمستدامة، كما أسلفت. لكل نمط من أنماط النقل المختلفة، بحرية، برية، جوية، خصوصيته الفنية والإدارية، في الإجراءات، والممارسة العملية لمهام عمله، تحتاج إلى توضيح ممكن، مؤد، وغير مخل، حتى يتبين القارئ تلك الفروق الفاصلة والمميزة لكل نمط على حدة.
هناك عدد غير قليل من التحديات التي تواجه قطاع النقل ولا يمكن توصيفها كما ورد في السؤال، وبعض هذه التحيات يكمن في تطوير خطوط النقل، ومضاعفة الاستثمار فيه، وعمل برامج صيانة دورية دائمة ونوعية، غير أن واقع العدوان أثر على وأجل الشروع في برامج كهذه، إضافة إلى أن شبكات النقل بأنماطها المختلفة عرضة للتآكل بسبب استدامة الاستخدام ومحدودية الصيانة كما أسلفت، ويظل عامل توفير الأيدي العاملة الكفؤة والمؤهلة أحد عوامل وأسباب التحديات والإعاقة تلك.
أما بالنسبة لحجم الأيدي العاملة في قطاع النقل فتصل إلى ما يقارب الخمسة آلاف وخمسمائة موظف وعامل، موزعين على ديوان الوزارة والمرافق التابعة.

أترك تعليقاً

التعليقات