خطة التهجير لا تزال قائمة
 

عبدالرحمن العابد

عبدالرحمن العابد / لا ميديا -
انتهت جولة الحرب الأخيرة في غزة، أو هكذا يبدو؛ لكن ما خلف الستار لم يتوقف بعد. فالمخطط القديم، القائم على تهجير الفلسطينيين، سيستمر كفكرة يهودية قائمة منذ البداية.
ما جرى في القطاع ليس مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل فصل جديد في مشروع بدأ منذ العام 1948. يومها، جرى تهجير أكثر من نصف سكان فلسطين قسراً، فيما عُرف بـ»نكبة القرن».
في ثمانينيات القرن الماضي، عاد سيناريو التهجير مجدداً؛ لكن بوجه مختلف. استقبلت بعض الدول العربية الفلسطينيين تحت شعار دعم القضية. لكن ما بدا تضامناً، تبيّن لاحقاً أنه كان جزءاً من عملية تهجير ممنهجة، ساهمت -بقصد أو بدونه- في تحقيق أهداف الاحتلال.
ذاب كثير من الفلسطينيين المهجرين في المجتمعات التي لجؤوا إليها، وابتلعتهم الحياة بعيداً عن قضاياهم، بينما تلاشت هويتهم تدريجياً خلف جنسيات جديدة ومنافٍ متفرقة.
لم يكن الهدف تمكين الفلسطينيين، بل تفكيك كتلتهم البشرية، وضمان ألا يشكلوا أي تهديد ديموغرافي لما يسمى بـ»الهوية اليهودية» للكيان الذي أُقيم على أنقاض وطنهم.
رغم كل محاولات الإبعاد والتذويب، بقيت غزة شوكة في خاصرة هذا المشروع. فارتفاع نسب الخصوبة والولادات، خاصة الذكور، شكل معادلة جديدة أعادت الحسابات من جديد.
لكن هذا الحضور السكاني تحول إلى مصدر قلق حقيقي، وأعاد إلى الواجهة مشروع التهجير؛ وهذه المرة بطريقة أشد وضوحاً، نقل سكان غزة إلى خارجها، وتحديداً إلى سيناء المصرية، وهو ما رفضته الدولة المصرية بشكل قاطع هذه المرة.
لم يعد المشروع خفياً. منذ العام 2018، حين أقر الكنيست «الإسرائيلي» ما يُسمى قانون «القومية»، أو ما عُرف بـ»قانون يهودية الدولة»، باتت النوايا معلنة: فلسطين لليهود فقط.
ذلك القانون لم يترك مجالاً للعيش المشترك أو التعدد الثقافي، بل مهّد بصبغة تبدو قانونية لإقصاء من لا ينتمي إلى الديانة اليهودية، ما يكرّس طرد أبناء الأرض وتجريدهم من حقهم الطبيعي في وطنهم.
في هذا المشهد الذي تكشفت ملامحه يوماً بعد يوم، لم تعد هناك حاجة للتكهن أو قراءة النوايا. ما كان يُقال في الغرف المغلقة، صار يُعلن على المنابر السياسية. وما كان يُنفذ عبر وكلاء، بات يُفرض علناً عبر الخطط والخرائط.
المسألة لم تعد حرباً تنتهي بوقف إطلاق نار، بل هي قضية وجود وهوية، وحق أصيل لا يمكن التنازل عنه.

أترك تعليقاً

التعليقات