فخامة ثورة 21 أيلول
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
ونحن على باب الاحتفال بعيد الذكرى العاشرة لثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر المجيدة، ومنها وعلى بعد خطوات سنطل على نافذة الاحتفال بعيد الذكرى الواحدة والستين لثورة 26 أيلول/ سبتمبر، ثم الاحتفال الكبير بمولد صاحب أكبر ثورة عرفتها البشرية، المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله الطيبين الطاهرين، ومن بين أسوار الفضفضة بيننا، أردت أن أوجه رسالتي هذه إلى فخامة هذه الثورة العظيمة، التي يحاربها العالم كله، وأحيانا للأسف يحاربها الصديق قبل العدو، والمفكر قبل الجاهل، والثائر الأصيل قبل الثائر المضاد، والموظف الرسمي قبل العاطل عن العمل، والوطني الصامد قبل الخائن التائب.
في اليمن سنجد كل (دوافع) الثورة موجودة، وكل (مقومات) الثورة غير موجودة؛ لأن هناك شروخاً تظهر قبل انهيار النفسية الثورية، شروخاً تصبح ملاذاً آمناً لسكن الثعابين والعقارب والعناكب شديدة السمية، لا يلحظها سوى قارئ التاريخ، والتاريخ أثبت أن كل قارئيه لا يمكنهم خدمة المرحلة الثورية التي يعيشونها؛ لأنهم أكثر الخلق عرضة للعيش التعيس والتهميش المتعمد بين مكائد ودسائس، مطامع ومصالح، شلل النشوة وراكبي الموجة الثورية... ومهما حاول قارئ التاريخ حينها أن يقدم للناس الوعي ويكتب لهم وينبههم إلى ما يسكن داخل تلك الشروخ، تمنع عنه تلك الشلل كافة المنابر والوسائل والأدوات لإيصال كلمته.
حتى في عصر ثورة الاتصالات والإنترنت وتعدد الأدوات والمنابر والوسائل وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كفة تفاعل النشر والتعليق في مواقع التواصل الاجتماعي تميل على موضوع الساعة والنكتة السامجة ومواضيع الفتنة، وليس للوعي الثوري، مما يجعل الكثير يمسكون العصا من المنتصف، حياد سامج، ومواقف متأرجحة وتعليقات شاذة، لا هي مع ولا هي ضد.
المصيبة الأكبر التي تصيب الثورات بالعمى هي إصدار الأحكام المسبقة، التي تجعل الكثير يصدر مواقف خائفة مرتجفة من الفعل ومن رد الفعل، مواقف هي مع الوعي وضد المشروع، هي مع الجيش واللجان الشعبية وضد الجيش واللجان، هي مع الاستقرار وضد الأمن، هي مع دعم بناء المؤسسات وضد السياسات الرسمية، هي مع المصالحة الوطنية وضد الرؤية الوطنية، مواقف تضع حداً وهمياً فاصلاً بين نظرة القيادة الثورية وآمال وطموحات المواطنين... ويعتقد أصحاب هذه المواقف أنها الحكمة بدلا من التهور، وأن «نص العمى ولا العمى كله»! وأنا أقول إنه جوهر العمى بكله واسمه ورسمه وصفته، وأن مثل تلك المواقف في المرحلة الثورية هي مواقف الجهل الذي تجعل الكثير يقول: «لا نامت أعين من عبث وتولى».

أترك تعليقاً

التعليقات