موفق محادين

د. موفق محادين / لا ميديا -
تواصل شبكات الإعلام الأمريكية والأوروبية والمنابر النفطية المرتبطة بها ذرف الدموع السخيّة على الإيغور والدالاي لاما ورموز الثورات الملوّنة في روسيا وروسيا البيضاء وبورما، وحيثما امتدَّت أصابع السفارات الأمريكيّة والأطلسيّة.
لا يتحدّث أحد عن حقوق الإنسان وانتهاكاتها أكثر من الإمبرياليين والأمريكيين والإنجليز وغيرهم، وأعوانهم من جماعات الثورات الملونة والليبرالية الجديدة، ولا يستحقّ أحد المحاسبة والمحكمة الجنائية الدولية أكثر منهم، سواء كانوا من "الجمهوريين" والمحافظين أم من الحزب الديمقراطي الأمريكي، وآخرهم إدارة بايدن، سليلة دولة قامت على حرب الإبادة ضد الهنود الحمر، وكان أوّل رئيس لها، جورج واشنطن، تاجر عبيد. وقد شكّلت هذه التّجارة أساس نشأتها، وهو الأمر الذي فضحه الأدب الأمريكي نفسه، من خلال سينكلير وتوني موريسون وأليكس هيلي، الذي تحوّل عمله إلى المسلسل المعروف "الجذور" أو "كونتا كونتي"، ثم ازدهرت هذه الدولة بين أصابع عائلة روتشيلد الربوية والبنك الفيدرالي، وعبر حرب المافيا أيضاً، بحسب ما جاء في فيلم سكورسيزي "عصابات نيويورك".
وها هي إدارة بايدن تبيع العالم بضاعة صغيرة حول حكاية الشرطي والقتيل الأفريقي، لغايات انتخابية معروفة، وتعود في الوقت نفسه إلى بضاعة السوق الكبرى، من المالثوسية العنصرية، ممثّلة بفكرة هنتنغتون عن صراع الحضارات، وما قاله شاعر الإمبريالية الأولى البريطانية كيبلنغ: الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا.
تفتح هذه الإدارة المعركة على القوى الكبيرة الصاعدة في الشرق، مثل روسيا والصين، رغم أنهما أقرب إلى الرأسمالية، ذلك أنهما في العقل الأمريكي العنصري وصراع الحضارات جزء من روح الشرق.
هكذا، إضافةً إلى الإطار الفكري العام الذي يجمعهم، ممثلاً بفلسفة الرأسمالية الليبرالية المتوحشة والمالثوسية العنصرية، القديمة والجديدة، فإن تاريخ الإدارات الرأسمالية، الأمريكية والأوروبية، ملطَّخ بالجرائم والدم على مدى القرون الأخيرة، وفي أربع جهات الأرض، من بينها أوروبا نفسها، التي كانت مسرحاً لحربين عالميتين مات فيهما عشرات الملايين، وأمريكا أيضاً خلال الحرب الأهلية وما خلفته من ملايين القتلى والجرحى.

الإمبريالية الأمريكية وانتهاك حقوق الإنسان
إضافةً إلى رفض الحزبين الكبيرين التوقيع على معظم الاتفاقيات الخاصّة بحقوق الإنسان، وأسلحة الدمار الشامل، واتفاقيات الصواريخ وقمم الأرض (كيوتو وجوهانسبرغ) والسجون السرية والتعذيب، واستخدام الإجراءات العنيفة بحق المتظاهرين، مثل الكلاب ورذاذ الفلفل والصعق الكهربائي، وغيرها مما ورد في تقارير منظَّمة العفو الدولية، فلو أخذنا التاريخ الأمريكي، بإدارتيه الجمهورية والديمقراطية، لوجدناه تاريخاً ممتداً ومتواصلاً في جرائمه منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم:
ـ غزو المكسيك: إبادة عشرات البلدات والقرى، وسرقة كاليفورنيا ونيفادا وتكساس وأريزونا، وإلحاقها بالولايات المتحدة الأمريكية.
ـ غزو أمريكا الجنوبية والوسطى وارتكاب جرائم ومجازر مروعة فيها: كولومبيا 1901، وبنما 1902 و1958 و1989 و1990، وهندوراس 1908 و1911 و1983 و2006، ونيكاراغوا 1907 و1981، والدومينكان 1907 و1946 و1965، وبورتريكو 1950، وكوبا 1952 والغزو الفاشل بعد الثورة، وغواتيمالا 1954 و1965 و1975 و1981 و1985، وتسبّبها بمقتل نصف مليون شخص، والسلفادور 1932 و1981، وغرينادا 1983، وتشيلي 1973 ضد الرئيس اليساري المنتخب الليندي (ربع مليون قتيل ومعتقل).
ومن أشهر السفراء الأمريكيين الذين أداروا هذه الجرائم، نذكر نيغروبونتي (ساهم في غزو العراق وتدميره، ودعم المؤامرة على سورية).

الجرائم الأمريكية في آسيا غير العربية
- ضرب المدينتين اليابانيتين هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية خلال الحرب العالمية الثانية.
- الجرائم الأمريكية خلال الحرب الكورية في العام 1950.
- الجرائم الأمريكية في فيتنام والهند الصينية 1962 ـ 1975، واستخدام الأسلحة الكيماوية والسائل البرتقالي ضد الفلاحين.
- الجرائم الأمريكية ضد الشعب الإيراني في العام 1953، وإسقاط حكومة مصدق الوطنية في العام 1988، بإسقاط طائرة مدنية ومقتل كل ركابها.
- الجرائم الأمريكية في أفغانستان.
- إشراف المخابرات الأمريكية على جرائم سوهارتو وميليشيات الإسلام الأمريكي الإرهابية في إندونيسيا ضد الفلاحين والعمال والطلاب والوطنيين واليسار (مليون ضحية على الأقل).

جرائم أمريكية أخرى 
- دعم الرجعية في اليونان في العام 1949، ما تسبّب بمقتل 150 ألف شخص.
- ارتكاب الجرائم في أفريقيا، وخصوصاً الكونغو ورواندا وبوروندي، واغتيال العديد من الزعماء الوطنيين في القارة، ودعم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

الجرائم والمجازر الأمريكية بحقّ العرب
- دعم الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، والتغطية على جرائمه ومجازره ضد الشعبين العربيين الفلسطيني واللبناني، والعرب عموماً.
- دعم الرجعيّة العربية وجرائمها وفسادها ونهبها موارد الأمة وانتهاكها أبسط الحريات.
- العدوان على العراق، والتسبّب بقتل ملايين المدنيين وإصابتهم وتشريدهم. وما تزال ذاكرة مجزرة أطفال العامرية في الأذهان.
- الجرائم المرتكبة بحقّ الشعب اليمني وقصف المدارس والمستشفيات.
- اختلاق ودعم العصابات الإرهابية التكفيرية وجرائمها في سورية والعراق وليبيا.

مجازر الإمبرياليات الأخرى وجرائمها
- بريطانيا: أدارت أكبر حرب إبادة ضد الهنود الحمر من خلال بطانيات الجدري وغيرها، وأغرقت الصين في القرن التاسع عشر في ما عُرف بـ"حرب الأفيون"، وأقامت أقذر كيان عنصري في جنوب أفريقيا، إضافة إلى جرائمها في الهند ومصر (مجزرة دنشواي). كما أنها أقامت الكيان الصهيوني ودعمته منذ وعد "بلفور" وحتى يومنا هذا.
- فرنسا: نفّذت مجازر في فيتنام والجزائر وسورية وأفريقيا، ومن ذلك تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية، وبناء المفاعل النووي الصهيوني، وتنفيذ عشرات الاغتيالات السياسية، مثل اغتيال المهدي بن بركة.

المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين والعرب
إضافة إلى الوجود الصهيوني بوصفه جريمة بحد ذاته، واغتصاب الأرض العربية في فلسطين، وتشريد شعبها، والاعتداءات الصهيونية على مصر وسورية ولبنان والأردن، وإضافة إلى المجازر الصهيونية في القدس وحيفا ويافا واللد والرملة وطبريا وطول كرم وغيرها، فمن أبشع وأقذر المجازر الصهيونية الأخرى، نذكر: الطنطورة، دير ياسين، قبية 1953، كفر قاسم، قلقيلية، خان يونس 1965، الحرم الإبراهيمي، المسجد الأقصى، غزة، مخيم جنين، صبرا وشاتيلا 1982، مدرسة بحر البقر المصرية، كفر أسد في الأردن 1968، قانا، وغيرها من المجازر التي نفذها العدو الصهيوني في لبنان وسورية.

كاتب ومحلل سياسي أردني

أترك تعليقاً

التعليقات