كلاب «أكشن»
 

رشيد البروي

رشيد البروي / لا ميديا -

أكثر من 25 كلبا ضالاً هاجمتني ليلة البارحة بشكل جماعي، في مشهدٍ مُرعبٍ لم يسبق لي أن شاهدته منذُ الطفولة، ارتعدت فرائصي وارتعشت أعضائي وجف الريق في حلقي واختضلت ركُبي ورقَلت جميع حواسي وجزيئاتي، ومازلت كذلك لحظة كتابة هذا الموضوع.. ولن أُبالغ إن قُلت لكم، لم يكن بيني وبين فقدان السيطرة على البول سوى بضع ثوانٍ..!
كالعادة أخرج الساعة الثالثة والنصف فجرا إلى إحدى البوفيات لأتناول قليلا من الخمير مع واحد شاي، بالقرب من مستشفى القاهرة ـ حي الدائري، كانت الفاجعة الكُبرى، وبدون سابق إنذار وجدت نفسي بين قطيعٍ من الكلاب الجائعة التي سرعان ما هرعت نحوي بسرعة البرق الخاطف ومن جميع الاتجاهات، هجوم جماعي كما تهجم النمور على الفرائس في أفلام ناشيونال جيوجرافك، إلا أنني كُنت فريسة واحدة لا غير..!
في تلك اللحظات المأسوية، وبعد أن ارتفعت خفقات قلبي إلى أكثر من 180 دقة، حاولت أن أراوغ الكلاب، فوقفت متصلبا أمامها بضع ثوان لعلي أحتال بذلك عليها فأخيفها، إلا أنها مازالت مهرولة باتجاهي وبشكل جنوني.. وحين أدركت أنها لن ترجع إلى الخلف، أُجبرت على الفرار ولم أجد نفسي إلا واقفًا على سطح سيارة أجرة..!
وأنا على التاكسي.. وفِي لحظات الخوف الشديد، هاجمني أكبر الكلاب وأشرسها محاولا الصعود على «كبوت» التاكسي، تداركت نفسي ونزلت من على سطح التاكسي مسرعا نحو الشارع الآخر.. وهناك ظهر أمامي كلبان كبيران قطعا عليّ الطريق بين تلك السيارات الواقفة في الشارع.. لا أحد ينقذني ولا كلب يرأف لحالي، ولم يعد لدي أية حيلة سوى أن آخذ بعض الحجارة من الرصيف لأدافع بها عن نفسي، لكنني حين انحنيت لم أجد أي شيء منها، خذلني الرصيف! وأنقذتني بعض الأكياس الفارغة التي قبضتها وموهت في رميها، ففزعت الكلاب ثم سرعان ما كرت عليَّ مرة ثانية وثالثة، وكلما كرت انحنيت لأقبض اللاشيء وأرمي نحوها، حتى استطعت الفرار إلى أمام إحدى السيارات المارة على الخط وقطعت الشارع وصولا إلى البوفية وأنا أتصبب عرقا، حينها كان لسان حالي يغني بصوت أم كلثوم «هذهِ ليليتي وحُلم حياتي، بين غادٍ من الكلابِ وآتي»..!
نجوت، نعم لقد نجوت وبأعجوبة، لم أكن أصدق أني سأنجو من ذلك الكمين الذي نصبه لي حمود عُباد وموظفو أمانة العاصمة بتدجيجهم الشوارع بالكلاب الضالة الجائعة والمفزعة التي كادت أن تُلقي بي إلى التهلكة..!
لست وحدي من يشكو منها، فالجميع في حي الجامعة ضاق ذرعا بها، كيف لا وجامعة صنعاء حاضنة العلم والمعرفة صارت حاضنة الكلاب الضالة، وما زادني كدرا عما أنا عليه هو أننا اليمنيين مظلومون في كُل شيء، حتى بالكلاب، فكلابنا عديمة الفائدة، لونها قبيح، وشكلها أقبح، وصوتها أكثر قُبحا، إنها لا تصلح لأن تكون بوليسية ولا حتى كلاب حراسة ولا تصلح لأكل المخلفات، ولا حتى لأن تحوز مصطلح «ضالة»..!
لذا نرجو من أمانة العاصمة سرعة التخلص من الكلاب التي تعج بها شوارع وأحياء المدينة، لما تشكله من خطر على حياة المواطنين وإقلاق للسكينة العامة للمجتمع.

أترك تعليقاً

التعليقات