شحنات الأسلحة المزعومة.. بين إعلام التحالف وواقع التحضير لتصعيد قادم ضد اليمن
- عبد الحافظ معجب الأحد , 12 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 1:19:22 AM
- 0 تعليقات
عبدالحافظ معجب / لا ميديا -
تتكرر في الآونة الأخيرة روايات الفصائل الموالية للسعودية والإمارات في الجنوب والساحل الغربي حول ما تقول إنها «شحنات أسلحة إيرانية» تم ضبطها وهي في طريقها إلى صنعاء.
آخر تلك الروايات جاءت من محافظة لحج، حيث زعمت قوات ما يسمى «العمالقة» أنها ضبطت قارباً محمّلاً بمعدات عسكرية وطائرات مسيّرة وأجهزة تجسس. سبقها إعلان مماثل في ميناء عدن عن ضبط «أكبر شحنة للحوثيين» تضم مئات الأطنان من الأسلحة والمعدات المتطورة، ثم إعلان ثالث من الساحل الغربي عن شحنة «استراتيجية» زعموا أنها قادمة من إيران.
لكن المتأمل في مضمون هذه الأخبار وسياقها الزمني يدرك منذ الوهلة الأولى أن ما يجري ليس أكثر من مسرحية مكرّرة الإخراج والمضمون، تُدار بعناية لتغطية تحركات ميدانية حقيقية يجري الإعداد لها على الأرض، هدفها تجهيز أدوات العدوان لجولة تصعيد جديدة ضد صنعاء.
مغالطة عقلية قبل أن تكون سياسية
ليس من المنطق ولا من الممكن أن تقوم صنعاء، وهي تمتلك قرارها وسيادتها الكاملة على معظم الجغرافيا اليمنية، باستيراد أسلحة عبر موانئ خاضعة لخصومها في عدن أو لحج أو المخا.
القول بأن شحنات عسكرية لصنعاء تصل عبر تلك المنافذ هو عبث بعقول الناس ومحاولة مكشوفة لتسويق رواية إعلامية تخفي حقيقة مغايرة تماماً.
صنعاء اليوم تمتلك قدرات عسكرية متطورة بجهود يمنية خالصة، أثبتتها معارك السنوات الماضية من تطوير منظومات الصواريخ الباليستية والمجنّحة إلى صناعة الطائرات المسيّرة التي وصلت إلى عمق الكيان الصهيوني.
هذا الواقع يجعل فكرة اعتمادها على «شحنات إيرانية عبر عدن» مثيرة للسخرية أكثر مما هي مثيرة للتصديق.
السلاح المزعوم.. لمن يُرسل حقاً؟!
من خلال تتبع توقيت البيانات والمناطق التي جرى فيها «الضبط»، يتضح أن هذه الشحنات ليست موجهة لصنعاء، بل هي في الحقيقة واردات تسليح قادمة للفصائل العميلة نفسها، يراد إدخالها بطرق ملتوية لتسليح مليشيات الانتقالي ومليشيات الساحل الغربي استعداداً لجولة تصعيد ضد اليمن.
هذه الروايات الملفقة تُستخدم للتغطية على إدخال أسلحة أمريكية و«إسرائيلية» المصدر بتمويل سعودي وإماراتي، ضمن خطة لإحياء جبهات القتال من جديد تحت غطاء «مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية».
إنها خطة أمريكية - صهيونية بأيدٍ محلية تهدف إلى إطالة أمد الحرب واستنزاف اليمنيين وإشغال القوات المسلحة اليمنية عن معركة الأمة المركزية في فلسطين.
العدو يبدل الوجوه لكنه لا يغيّر الهدف
تعيش بلادنا اليوم مرحلة فارقة من الصراع، فبعد أن فشل العدوان المباشر طوال السنوات العشر الماضية في تحقيق أي من أهدافه، لجأ المشغل الأمريكي و«الإسرائيلي» إلى تكتيك جديد يقوم على الحروب بالوكالة وتحريك الأدوات المحلية لشنّ التصعيد نيابة عنه.
هذا ما تفسره اللقاءات المتكررة خلال الأسابيع الماضية بين قادة مليشيا الانتقالي ومسؤولي الساحل الغربي من جهة، ومسؤولين عسكريين أمريكيين وبريطانيين من جهة أخرى، بالتزامن مع موجة «البيانات الأمنية» عن ضبط الأسلحة المزعومة.
التحرك الأمريكي ليس بريئاً، بل هو حلقة من حلقات العدوان المستمرة ضد الشعب اليمني ومحاولة لاستعادة السيطرة بعد الهزائم السياسية والعسكرية والإعلامية التي مُني بها تحالف العدوان خلال العامين الأخيرين.
التحالف في مأزق.. وصنعاء بثقة المنتصر
كل هذه التحركات تكشف أن أدوات العدوان تشعر باليأس والإفلاس العسكري والسياسي، وأنها تبحث عن ذريعة لبدء التصعيد وإشعال جبهات جديدة علّها تُعيد لنفسها بعض الحضور الميداني المفقود.
لكن صنعاء، التي واجهت تحالفاً عالمياً طوال عقد من الزمن، لم تعد تخشى تصعيداً مهما كان نوعه أو حجمه، فالقوات المسلحة اليمنية اليوم في أعلى درجات الجاهزية، وقد أعدّت ما استطاعت من قوة للدفاع عن الوطن والأمة، مستندة إلى وعد الله بنصر عباده الصادقين الذين لا يبدّلون ولا يركعون إلا له.
لقد كانت سنوات الهدنة الماضية، التي يسميها اليمنيون بـ«فترة اللا حرب واللا سلم»، فرصة ذهبية لتطوير القدرات العسكرية والإعداد لمعركة الحسم، حتى بات العدو يدرك أن أي مغامرة جديدة ستكون عواقبها وخيمة عليه وعلى من يموله ويدعمه.
اليمن لا يُخدع بالمسرحيات
الشعب اليمني، الذي واجه العدوان بكل شجاعة وصبر وإيمان، أصبح يمتلك وعياً كبيراً يدرك من خلاله أن هذه المسرحيات الإعلامية المضللة ليست سوى ستار دخاني يُخفي ما يُخطَّط في غرف العدوان المظلمة.
وإذا قرروا التصعيد من جديد فإن الرد اليمني لن يقتصر على الأدوات العميلة فحسب، بل سيطال الراعي والممول والمشغل في الرياض وأبوظبي، وكل من يقف خلفهم في واشنطن و»تل أبيب».
إنها معركة وعدٍ إلهي لا شك في مآلها ولا ريب في نتيجتها؛ {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
فالثقة بنصر الله والتوكل عليه هي السلاح الأعظم الذي لا يُقهر، والنصر قادم بإذن الله، مهما تنكرت الوجوه وتبدلت الشعارات.
المصدر عبد الحافظ معجب
زيارة جميع مقالات: عبد الحافظ معجب