عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -
في خطوة تصعيدية أعلنت القوات المسلحة اليمنية منع مرور السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، من أي جنسية كانت، إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواء، وهو استخدام طبيعي للفيتو اليمني في البحرين الأحمر والعربي.
بيان القوات المسلحة أوضح أنه بعد النجاح في فرض قرار منع السُّفن الصهيونية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، ونتيجة لاستمرار العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر المروعة وحرب الإبادة الجماعية والحصارِ بحق المدنيين في غزة سيتم منع مرورِ السُّفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من أي جنسية كانت، وستصبح هدفا مشروعا للجيش اليمني.‏ وحرصا على سلامة الملاحة البحرية حذّر اليمن جميع السفن والشركات من التعامل مع موانئ الكيان الصهيوني.
التقديرات الصهيونية للتداعيات الاقتصادية الناجمة عن هذا القرار تتحدث عن تكلفة اقتصادية مضاعفة على تكلفة المعيشة وسلسلة التوريد، وأن التهديد الاقتصادي كبير، وله العديد من الآثار الاقتصادية. في هذا السياق نقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية عن كبير الاقتصاديين في شركة (BDO) أن "الواردات من الشرق إلى إسرائيل تشمل المواد الأولية، وبالتالي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الصناعة الإسرائيلية، إضافة إلى أزمة في النقل الجوي ستكون التكلفة الآن مزدوجة".
مركز أبحاث "الأمن القومي الإسرائيلي"، كان قد كشف أن المخاوف تزداد بشأن سلامة كل السفن التي لها صلة بالكيان تبحر في البحر الأحمر، عقب الهجمات البحرية التي وقعت مؤخراً في البحر الأحمر والمحيط الهندي. ومن بين شركات الشحن التي تعمل في خدمة الكيان، قررت شركة "زيم" تغيير مسارات سفنها وتجنب عبور البحر الأحمر، حيث يتمّ تشغيل هذا الخط من "زيم" بواسطة 12 سفينة ترفع جميعها أعلاماً أجنبية.
ومعنى هذا القرار المتعلق بالخط الرابط بين آسيا وموانئ تركيا والكيان الصهيوني، والناشئ من الخوف على سلامة السفن في هذا الخط وأطقمها، تمديد مسار الإبحار، وتأخير توصيل الحاويات إلى عملاء الشركة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، في كلّ اتجاه، مقارنةً بمتوسط مدة الإبحار عبر قناة السويس.
ونتيجةً لذلك، سيكون هناك تدهور كبير في الخدمة المقدمة لعملاء الشركة، وأيضاً في نتائجها المالية، مقابل زيادة في نفقاتها الثابتة دون التعويض الملائم في أجور الشحن الموجودة في هذه التجارة، ويمثل  تغيير مسار هذا الخط عبئاً اقتصادياً كبيراً، فالتكلفة الإضافية لنحو 30 يوماً من الإبحار والاستهلاك الإضافي للوقود للرحلة حول أفريقيا والعودة، بدلاً من المرور عبر قناة السويس، تعتبر كبيرة للغاية، الأمر الذي يفرض نفقات أعلى بكثير من توفير عدم المرور في قناة السويس، الذي قد يصل إلى نصف مليون دولار أو أكثر للسفينة الواحدة في الرحلة الواحدة، وعدم دفع التأمين الحربي بسبب عدم المرور في البحر الأحمر.
وكانت وسائل إعلام عبرية قد تحدثت عن خلو ميناء حيفا من السفن الأجنبية، وحذرت شركات ملاحية مما يحصل في ميناء حيفا، الذي أصبح مغلقاً وكل السفن التي وصلت إليه خلال فترة الهجمات اليمنية قادمة من دول أخرى، وليست سفناً صهيونية، وتبقى خارج الميناء ولا تدخل إليه بسبب مخاطر الصواريخ والطائرات اليمنية المسيرة.
وترسم الخسائر التي تعرض لها الاقتصاد الصهيوني منذ بدء الحرب على قطاع غزة صورة قاتمة حول أداء مختلف القطاعات، ما دعا كثيرين إلى طرح تساؤلات حول الحيز الزمني الذي يمكن للاقتصاد أن يستغرقه للتعافي من آثار الحرب، التي فاقت خسائرها خسائر جائحة فيروس كورونا في العام 2020، وكذلك الأضرار التي سببتها الحرب الروسية على أوكرانيا المستمرة منذ 2022، وأزمة تعديلات النظام القضائي هذا العام.
ومن المتوقع أن ينتهي عام 2023 بقفزة تبلغ نسبتها 35% في عدد الشركات المغلقة، بما يوازي 57 ألف شركة هذا العام، مقارنة بـ42 ألفاً في عام 2022. وتمثل الشركات الصغيرة 90% من هذه الكيانات، لاسيما العاملة في قطاعات البناء والزراعة والسياحة والترفيه. كما أنه منذ بدء الحرب لم تفتح أي شركة تقريباً أعمالاً جديدة.
ووفقاً لمسح أجرته شركة معلومات الأعمال (Coface BDI) لصالح صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية، فإنه مع بداية الحرب تم إغلاق 39.5 ألف شركة، كما توجد 17.5 ألف شركة إضافية من المتوقع إغلاقها نهائياً في الربع الأخير من هذا العام.
ويشير المسح، الذي أوردته الصحيفة، إلى أن إجمالي عدد الشركات التي انهارت ومن المتوقع أن تنهار هذا العام أعلى من عدد تلك التي افتتحت ومن المتوقع افتتاحها، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض عدد صافي الأعمال في الاقتصاد، لافتة إلى أنه في العام العادي ينمو الاقتصاد بنحو 4500 شركة في المتوسط، بينما من المتوقع هذا العام أن ينخفض عدد الشركات بنحو 20 ألف شركة.
وفق الإعلام العبري، أكد يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة (Freightos) للتكنولوجيا الفائقة، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن، أن في أسعار شحن البضائع القادمة إلى الموانئ الصهيونية من الصين أو العكس زيادة بعد اندلاع الحرب على غزة.
وحسب بيانات الشركة، التي نشرتها صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية فإن سعر شحن الحاويات من الصين إلى ميناء أشدود ارتفع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو رقم رفع كلفة الشحن بنحو 5% منذ بدء العدوان على غزة.
كل هذه الكوارث الاقتصادية حلت بالكيان الصهيوني قبل قرار القوات المسلحة اليمنية بمنع مرور السفن الى الكيان من كل الجنسيات، الأمر الذي سيكون له تأثير هام جداً بالنسبة لارتفاع تكلفة التأمين، وكذلك طول المسافة التي تقطعها السفن، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن، وقد يؤدي أيضاً إلى تلف بعض المواد. كما أن أكثر الشّحنات التي ستتأثر جراء هذه المخاطر هي الشحنات القادمة من منطقة جنوب شرق آسيا باتجاه الكيان أو التي تصدرها دولة الاحتلال إلى تلك المناطق.
قرار منع السفن أياً كانت جنسيتها من الوصول إلى الكيان يحمل تفسيراً واحداً، هو أن الجمهورية اليمنية تشهر سلاحها في مواجهة العالم كله انتصاراً لغزة المحاصرة، وما فعله اليمن سابقاً في وجه السفن الصهيونية يؤكد أن اليمن لديه قيادة لا تهاب أحداً ولا تنحني لأحد واذا قالت تفعل والنصر لغزة ليس ببعيد.

أترك تعليقاً

التعليقات