بلوى غير مسبوقة
 

وليد مانع

وليد مانع / لا ميديا -
عدوان لا يشنه عليك العدو، بل أدواته. وحين يأتي منك رد، إذا بتلك الأدوات تضج مسامع الدنيا بأنك تعتدي عليها!
لعل ذلك يأتي منها باعتبار أنها مجرد أدوات تؤدي مهمة!
دويلة الإمارات (إحدى أدوات العدوان)، قصفتنا بالطيران، احتلت جزرنا وسواحلنا، قتلت حتى مرتزقتها من اليمنيين، أنشأت لنا السجون السرية... لم تترك جريمة إلا ارتكبتها بحقنا... وحين جاءها شيء من ردنا، حشدت «جامعة الدول العربية» لإدانة «العدوان الحوثي/ اليمني» عليها! بل واستجابت لها جوقة «الجامعة» كما استجاب «الأزهر» وإليسا وأحلام من قبل!
هذه «الجامعة» التي خذلت الفلسطينيين طول تاريخها، لم تتأخر في نصرة صديق الاحتلال الصهيوني الوقح: الإمارات!
ولقد ابتلينا اليوم في اليمن بلوى لم يسبق -في ما أعلم- أن ابتلي بها أحد من قبل. لا أتحدث عن الغباء والجهل السعودي الإماراتي، ولا عن وقاحتهما وبجاحتهما... بل أتحدث عن إسقاط كل تفاهاتهما عليك أنت أيها اليمني، كما وإثباتها على كل النظام الرسمي العربي، وإن كان الأخير يستحق ذلك.
الإسكندر المقدوني اجتاح ثلثي هذا الكوكب، واجتاح نبوخذ نصر ثلثه، وكذلك فعل الفرس والرومان والعرب والمغول والفرنج والعثمانيون والبرتغال والإسبان والإنجليز والطليان و... و... و... لكن أحدا من هؤلاء لم يجمع بين الغباء والاستغباء، والجهل والتجهيل، والوقاحة والبجاحة، ولا أحد بلغ في ذلك ما يبلغه اليوم أرانب الخليج الـ«مفتحة عيونهم نيام» حد تعبير المتنبي!...
وبالتأكيد، ما كان لهؤلاء الأصنام، التي «لا أرى فيها عفة الصنم» -حد تعبير المتنبي أيضا- أن يرتقوا هذا المرتقى الصعب ويبلغوا مبلغ التفكير -مجرد التفكير- في الاعتداء على اليمن، ناهيك عن احتلال أراضيه ومياهه، لولا أن وجدوا كامل التشجيع من طرفين:
الأول: أحذيتهم وأذيالهم المرتزقة من اليمنيين، والثاني: أسيادهم الاستعماريون من الأمريكان والصهاينة والإنجليز.
وإذ أقدّم المرتزقة اليمنيين على أسيادهم فلأن المرتزقة هم الأشد سوءاً، ولولاهم لما تجرأ على اليمن حتى أسيادهم الأمريكان والإنجليز والصهاينة.
لك بعد ذلك أن تتخيل؛ دولة وربع دولة (السعودية ودويلة الإمارات)، وهما الكيانان اللذان لم يعرفهما التاريخ إلا مؤخرا، ولم يكونا خلال «تويريخهما» إلا بين بيادق المخابرات والساسة الاستعماريين؛ لك أن تتخيل حين يرتقيان هذا المرتقى الصعب ويصلان حد الاعتداء على بلد كاليمن، بل ويحتلان بعض بره وبحره، كيف يمكن أن يتصرفا!
هما طبعا يظنان أن أسيادهما سيتكفلون بحمايتهما... لكن حين يأتيهما الوجع، الوجع غير الكبير حتى الآن، ويخجلان من التصريح لأسيادهما بخذلانهم، يلجآن إلى مرتزقتهما الحاكمين للبلاد العربية، ليدينوا «عدوان» الضحية على الجاني المعتدي، وبكل فجاجة ووقاحة!
رغم ذلك، لن أقول إن قرارات «الجامعة العربية» وبيانات خارجيات البلدان العربية، التي أدانت حقنا -كيمنيين- في الدفاع عن أنفسنا وبلدنا، لا أقول إنها لا تختلف عن تصريحات إليسا وأحلام مثلا، التي جاءت في السياق نفسه... بل أقول إن شعبية وجماهيرية «الجامعة العربية» وكل الأنظمة السياسية العربية، تجعل قراراتها وبياناتها أقل وزنا حتى من تصريحات إليسا وأحلام!
وبالتالي فإن علينا -كيمنيين مدافعين عن أنفسنا وثابتين على مبادئ قضيتنا الأولى في الصراع العربي الصهيوني- ألا نعطي لأي قرارات أو بيانات أو تصريحات سياسية من الوزن إلا بقدر شعبيتها وجماهيريتها، مع الأخذ بعين الاعتبار نوعية وطبيعة تلك الشعبية والجماهيرية!
ثمة كلمة أخيرة أود أن أوجهها هنا، لا للمحايدين فلا حياد في مقام كهذا، بل للحائرين، فأقول لهم:
لا تفقدوا بوصلتكم؛ وبالتأكيد فلسطين هي البوصلة. وأما العلامات فواضحة كالشمس في عز الظهيرة. قارنوا فقط بين موقفنا (مقاومة وممانعة) وموقفهم (تطبيع وانبطاح)، شخصياتنا (سماحة السيد حسن نصر الله وسماحة السيد عبدالملك الحوثي...) وشخصياتهم (ابن سلمان وابن زايد...)... فهل بعد هذا من حيرة وارتباك؟!

أترك تعليقاً

التعليقات