تزهير الصخور
 

خليل العُمري

خليل العُـمري / لا ميديا -
النجاح الباهر -لكنه الوحيد- الذي حققه إعلام صنعاء هو الكشف عن الهزائم العسكرية التي يتجرعها التحالف السعودي، بتوثيق ونشر المشاهد المخزية لجيوشه في الميدان. لطالما أرقته تلك المشاهد، ولو استطاع حجبها بأي ثمن لما تردد أبدا.
سبب النجاح: رجال الإعلام الحربي عليهم السلام. أما قنواتنا فمجرد ناقل.
إذا استثنينا إنجازات الزميل المراسل يحيى الشامي، وجهود متقطعة لزميلين أو ثلاثة آخرين، في مضمار التصدي لحملات الشيطنة والتشويه: فشل واضح. وليتنا نكتفي بالفشل، بل نتعداه إلى البرهنة على صحة اتهاماتهم...
السبب: كثير مما يصدر عن الجماعة من خطاب ومواقف لا يمكن ستر أو تمويه دلالاتها.
الإعلام لا يستطيع إصلاح أخطاء الساسة. الإعلام مجرد مرآة تعكس ما أمامها. والمرايا كثيرة، فإن كان ما ينعكس عليها صخورٌ فلن ينعكس في مرآتك زهورا، وكلما ركبك العناد وحاولت «تزهيرها» زادت الصخور تجعدا وخشونة. هذا هو ما يسمى في الأدبيات السياسية والإعلامية «انكشاف» أو «فضيحة».
في مضمار الكشف عن جرائم العدوان والتعريف بالمظلومية: هنا نصل إلى الفشل التام.
الأسباب: انعدام الرؤية، ارتجال وغياب التخطيط (أو: خطط فاشلة؛ لأنها مبنية على مفاهيم وتصورات خاطئة)، جهل شديد باستراتيجيات وفنون الخطاب، إسناد الأمر إلى غير المحترفين، سذاجة، تقوقع وانعزال يحرمك فوائد الاستعانة بالأدوات المتاحة.
مهما أكثرتم من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وواصلتم الحملات وأتخمتم مواقع التواصل بالهشتاجات، لن تروا تأثيرا لكل ما تفعلون.
كثرة المنابر لا يُجدي مادام الخطيب واحدا. أليس من السخف أن تنصب على حائطك 10 شاشات وكلها تعرض (المسلسل ذاته؟!
فمهما كثرت قنواتك واتسعت الآفاق التي يبلغها صوتك فلن يلامس أسماعا أو يترك تأثيرا في الرأي العام الدولي. خطابك مجرد تعبير أيديولوجي جامد، أنت لا تفكر في طبيعة من تتحدث إليه، أنت تتحدث فقط. في المحصلة أنت تتحدث مع نفسك.
أخيراً، تكرُّما لا أمرا، تفرَّس في مرامي هذه الإشارة الدقيقة كي تهتدي إلى أول الطريق وتنحت سنون المفتاح: العالم يختلف عن قاعة الدورات الثقافية.
و98% من ساحاته، خطابك لن يستلفت فيها سامعا، مادام المتحدث هو أنت. دعه يتشكل متلونا على ألسنة غيرك.

أترك تعليقاً

التعليقات

محمد الرباعي
  • السبت , 17 ديـسـمـبـر , 2022 الساعة 1:50:06 PM

مقال راائع