لماذا يستهدفون مقدساتنا؟
 

زينب الشهاري

زينب الشهاري / لا ميديا -
عندما ننظر حولنا اليوم ونرى هذه الحملات المجنونة التي تمس أغلى ما نملك، ندرك تماماً أن ما يحدث ليس صدفة، ولا هو مجرد تصرفات فردية طائشة. نحن أمام خطة ممنهجة وواضحة، جذورها عميقة في تفكير الغرب واليهود المتطرفين، وهدفها كسر عمودنا الفقري. إن ما يتعرض له القرآن الكريم، وشخص نبينا الكريم، ومساجدنا التاريخية، يخبرنا بوضوح أن معركتهم معنا ليست فقط على الأرض أو النفط، بل هي حرب على ديننا وعلى الأشياء التي تعطينا القوة والعزة، إنهم يحاولون بشتى الطرق أن نعتاد على الإهانة حتى تموت غيرتنا.
ولكي نفهم «لماذا يفعلون ذلك؟»، يجب أن نعرف كيف يفكرون. الصهاينة يرون أنفسهم «شعب الله المختار» وبقية البشر لا قيمة لهم ولا لمقدساتهم، بل يعتبرون تدميرها واجباً دينياً! وهذا يتفق تماماً مع نظرة الغرب القديمة التي طالما صورت الإسلام على أنه عدو للحضارة، ما جعلهم يبررون أي اعتداء على القرآن أو النبي، لأنهم يعرفون أن كسر هيبة هذه المقدسات في نفوسنا هو أول خطوة للسيطرة علينا واحتلالنا.
دعونا نعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، فالتاريخ لا يكذب. من ينسى ما حدث في سجن «غوانتانامو» بعد أحداث 2001؟! لم يكن تدنيس المصحف هناك مجرد صدفة، بل كان الجنود الأمريكيون يتعمدون ركله ورميه في «المراحيض» - أعزكم الله، فقط لقهر الأسرى وإذلالهم. وتكرر المشهد المؤلم في 2012 في قاعدة «باغرام» بأفغانستان، عندما أحرقوا المصاحف في القمامة، وبرروا ذلك بأنه «خطأ غير مقصود»؛ لكننا نعلم أنها كانت رسالة احتقار واضحة.
ثم انتقلت هذه الحرب من السجون السرية إلى شوارع أوروبا أمام الكاميرات. تذكرون القس الأمريكي تيري جونز، الذي دعا إلى حرق القرآن! وبعده ظهرت موجة «الموضة» القبيحة ما بين 2020 و2023 في السويد والدنمارك، عندما قام متطرفون مثل راسموس بالودان وسلوان موميكا بحرق المصحف ودهسه وركل صورة الكعبة أمام السفارات، وكل ذلك تحت حماية الشرطة وباسم «حرية التعبير» الكاذبة.
لكن الوجه الأكثر بشاعة وإجراماً ظهر في غزة (من 2023 حتى 2025). هناك لم يكتفوا بحرق الورق، بل أرادوا محو التاريخ. رأينا جنود الاحتلال يقرؤون صلواتهم التلمودية داخل مساجدنا المدمرة، ويحرقون مكتبات المساجد بالكامل. والأرقام تقول إنهم دمروا أكثر من 600 مسجد بشكل كامل، وقصفوا مساجد تاريخية مثل «المسجد العمري»، وكأنهم يقولون لنا: «لا تاريخ لكم هنا».
هذه الحرب الميدانية تساندها حرب ناعمة بالكلام والصور. سياسيون في الغرب يصفون قرآننا بأبشع الأوصاف، والرئيس الفرنسي ماكرون يقول إن الإسلام «في أزمة». حتى أفلام هوليوود -كما كشفت الدراسات- تصر دائماً على ربط صوت الأذان وصورة المسلم بالقتل والتفجير، ليزرعوا الكراهية ضدنا في عقول أطفالهم والعالم.
خلاصة القول، ومن خلال قراءتي لكل هذه الأحداث، هم يعرفون جيداً أن القرآن وحب النبي هما السر الذي يجمعنا ويمنعنا من الذوبان. إنهم يلعبون معنا لعبة خطيرة لتدريبنا على التبلد وقبول الإهانة. لذلك، دفاعنا عن مقدساتنا ليس مجرد عاطفة عابرة، بل هو دفاع عن وجودنا، وعن كرامتنا التي يحاولون سحقها.

أترك تعليقاً

التعليقات